-->
مدونة المهن القانونية والقضائية .. مدونة  المهن القانونية والقضائية ..

j تمييز القسمة عن بعض الأنظمة المشابهة.



 القسمة هي طريقة لانقضاء الشياع، بمقتضاها يفرز الشيء المشترك إلى عدة أقسام تتفق وحصص الشركاء فيه، بحيث يستقل كل واحد منهم بقسم دون سائر الشركاء والقسمة بهذا المعنى قد تلتقي وتفترق مع بعض الأنظمة المشابهة لها، وهو ما سأحاول توضيحه من خلال ما يلي:
1)           القسمة والمخارجة
المخارجة هي:" مصالحة الورثة على إخراج بعض منهم بشيء من التركة، فهي معاوضة بين الورثة، يخرج فيها كل وارث بنوع معين  من المتروك[1]، فالمخارجة في اصطلاح الفرائض معاوضة بين الورثة حينما يتخارجون فيما بينهم في الأشياء المتروكة عن طريق تبادل أسهم ملكيتهم  فيما بعضهم لبعض، حتى يستقل كل وارث أو البعض بمتروك معين، فالورثة في المخارجة يتبادلون فيما بينهم، والمبادلة رمز  المعاوضة وإن شئت قلت المقايضة [2].
 ونخلص مما سبق أن المخارجة تقوم على التبادل، وذلك بقيام كل من الورثة بمبادلة شيء بشيء أو شيء بحق، أو حق بحق، ولا يكون أحدهما مبلغا من النقود، كمبادلة أرض بدار، أو شقة بأخرى، أو غيرهما، إلا أنه إذا كان أحد العوضين يفوق الأخر فلا مانع من تسديد الفرق، فالمخارجة بهذا المعنى نوع أخر من القسمة وسبب من أسباب الملكية .
وإذا كانت القسمة العادية تنصرف إلى قسمة المتروك في ذاته قسمة استغلالية أو قسمة بتية، فإن المخارجة قسمة جامعة ونهائية بين الورثة عن طريق مقابلة مختلف أنواع المتروك بعضها ببعض وتصفيتها وإجراء المبادلة فيها، وهي إما رضائية أو قضائية.
وهكذا يتضح مدى التشابه بين المخارجة و القسمة في الأحكام، ولا فرق بينهما إلا من حيث التقسيم، فالقسمة تنصرف إلى الشيء في ذاته، في حين أن المخارجة هي المبادلة أو المقايضة بين شيئين أو أكثر.
2)            القسمة والصلح
الصلح لغة: إنهاء الخصومة، وشرعا: عقد يرفع النزاع ويقطع الخصومة[3]، والصلح بهذا المعنى قد يقترب في ظاهرة القسمة الاتفاقية، خاصة إذا علمنا أن كلا من القسمة والصلح يلتقيان في مبدأ التراضي بين الأطراف، وهو ما جعل رأي بعض الفقه يتجه إلى اعتبار أن القسمة الاتفاقية نوع من الصلح، لأنها تهدف إلى منع النزاع، إلا أن هذا الرأي ليس على إطلاقه، ذلك أن القسمة الاتفاقية لا تهدف في كل الأحوال إلى منع النزاع، بقدر ما تهدف إلى وضع حد لحالة الشياع، كما أن الصلح يقتضي حدوث نزاع معين، فمجرد المناقشات المادية التي تتم بين المتقاسمين على تكوين الأنصبة لا تكفي للقول بأن هناك نزاع جدي ينذر بالتجاء الأطراف إلى القسمة القضائية.
وقد يسمي الأطراف عقد القسمة الاتفاقية صلحا وذلك إذا أفرزوا أنصبتهم في المال الشائع فيما بينهم وحصل كل منهم على نصيبهم كاملا، ففي هذه الحالة يكون عقد القسمة لا عقد صلح لأن عناصر هذا العقد الأخير لا تتوفر فيه، أما إذا كان نزاع قائم بينهم في مقدار حصة كل من الشركاء في قسمة اتفاقية، فإن عقد القسمة يخفي وراءه في هذه الحالة عقد صلح على مقدار حصة كل من المتعاقدين وهذا هو عقد صلح وإقرار بحصة كل من الشركاء وهذا عقد القسمة[4].
وهكذا يتبين لنا مدى الخلاف بين الصلح والقسمة، إذ يتضمن الأول نزولا من الطرفين على بعض الإدعاءات بغرض رفع النزاع وقطعه، في حين أن الثاني لا يتضمن تناولا على الرغم من أن كل منهما يزيل نزاعا قائما أو محتملا.
3)           القسمة والشفعة
يراد بالشفعة شرعا: أخد الشريك الجزء الذي باعه شريكه من المشتري بما اشتراه به، والغاية من مشروعية الشفعة حسب أغلبية الفقه هي: رفع الضرر الناتج عن تجزئة المال المشترك، وذلك بإزالة حالة الشياع أو التقليل منه على الأقل إلى أن تنتهي تدريجيا[5].
وإذا كان كل من القسمة والشفعة يشتركان في كونهما شرعا لإزالة حالة الشياع أو إنهائه، كما أنهما من نتائج النصيب الشائع، فإنهما يختلفان من حيث الغاية التي شرعا لها كل منهما، فالقسمة قد تكون نافية للشفعة وقاطعة لوجوبها، رجوعا إلى قوله صلى الله عليه وسلم: "الشفعة فيما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا  شفعة"[6].
وهكذا فإذا طلب الشريك القديم من المالك الجديد أن يجري معه قسمة بثية أو إستغلالية في العقار المشترك فإذا حق ذلك الشريك في الشفعة يسقط مادامت تلك القسمة قد أجريت فعلا وتمت بفرز الحصص بعضها عن بعض، أما مجرد الطلب فلا يسقط حق الشريك في الشفعة ما دامت القسمة لم تجري فعلا ولم تتم إجراءاتها [7].
فالشفعة تنهي الشركة نهائيا ولو وجدت بين اثنين مثل، وفي هذه الحالة فقط تلتقي مع القسمة في نفس الغاية وهي إزالة الشياع وتقلل منه تدريجيا إذا كانت بين عدة شركاء عن طريق الشفعة في كل عملية تفويت بعوض، إلى أن يبقى شريكان فقط، وعند تفويت أحدهما نصيبه لشخص أخر يشفع الشريك فتنتهي الشركة وهذا قد لا يتحقق دائما.


[1] - محمد  رياض: أحكام المواريث بين النظري  الفقهي والتطبيق العملي، مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء، الطبعة الاولى1998، ص:265.
[2] - عبد الرحمن بلعكيد: تصفية التركة، مرجع سابق، ص:397.
[3] - مولاي الحبيب أمامي: أحكام القسمة في الفقه المقارن، بحث لنيل دبلوم الدراسة العليا المعمقة، شعبة فقه المعمالات، كلية الشريعة  جامعة القرويين فاس، السنة الجامعية: 2014-2002،ص:25.
[4] سيد أحمد لغزال: التوفيق في المنازعات العقارية القسمة الرضاءية نمودجا، رسالة  لنيل شهادة الماستر في الشريعة،ىجامعة القرويين فاس-سايس، السنة الجامعية :2011-2010- ص:25.
[5] - محمد محبوبي: الشفعة في الفقه المالكي والتشريع المغربي، مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء ، الطبعة الاولى1993، ص:15.
[6] - الإمام أبي عبد الله بن إسماعيل البخاري، الكتاب رقم 36،ى باب الشفعة، مرجع سابق ص:538.
[7] محمد ابن معجوز: الحقوق الحقوق العينية في الفقه الإسلامي  والتقنين المغربي ، مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء، الطبعة الأولى1990، ص:299.230 .

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

باحث في المجال القانوني حاصل على الماستر المتخصص في المهن القانونية والقضائية بكلية

جميع الحقوق محفوظة

مدونة المهن القانونية والقضائية ..

2016