-->
مدونة المهن القانونية والقضائية .. مدونة  المهن القانونية والقضائية ..

الصلــح فــي القـضايـا الأسـريـــة من خلال مدونة الأسرة


الصلــح فــي القـضايـا الأسـريـــة من خلال مدونة الأسرة
مـقدمـــة

من بين المستجدات التي جاءت بها المدونة الأسرة هي التنصيص على إلزامية مسطرة  الصلح، قبل الحسم في مسألة انحلال ميثاق الزوجية وذلك للحفاظ على العلاقة الزوجية، ويعتبر الصلح إجراءا جوهريا في قضايا التطليق والطلاق والتعدد، ويعتبر الصلح في قضايا المتعلقة بالاسرة من أهم الوسائل التي بيد المحكمة لدرء النزاع بين طرفي العلاقة الزوجية وجلب المصلحة لهما، لأن المغزى الأساسي من تنظيم المشرع لنظام الصلح بالأساس إلى حفظ الروابط العائلية، وقطع دبر النزاع بإعتبار الأسرة عماد المجتمع ونواته وإرتباط قضاياها بجوانب إنسانية وإجتماعية، فمسطرة تبقى هي محاولة إصلاح ذات البين بين الزوجين لفض النزاع بين طرفي الدعوى. والصلح منصوص عليه في الشريعة الإسلامية وذلك في العديد من الأيات القرانية والأحاديث النبوية الشريفة، خاصة في المجال الأسري.فماهي إجراءات الصلح؟ وماهي الأليات التي رصدها المقنن الأسري لإصلاح ذات البين بين الزوجين؟ إنطلاقا من هذه الأسئلة وغيرها وللإحاطة بالموضوع أكثر إرتأيت تبني التقسيم التالي:
المطلب الأول: إجراءات الصلح الأسري
المطلب الثاني: المؤسسات المرصدة للصلح





المطلب الأول: إجراءات الصلح الأسري
لم تعد مسطرة الصلح تشمل مجال التطليق للضرر فقط كما كان معمولا به في السابق في ظل مدونة الاحوال الشخصية  بل إتسعت لتشمل مجالات الطلاق والتعدد  والتطليق بكل أنواعه بإستثناء التطليق للغيبة الذي إستغنى فيه المشرع على مسطرة الصلح.
بمجرد تقديم طلب إلى المحكمة المختصة من أجل الطلاق أوالتطليق أو طلب الإذن بالتعدد يقوم القاضي المكلف بالقضية بإستدعاء الزوجين للجلسة يعين تاريخها لاجراء محاولة الصلح، وذلك وفق القواعد العامة .
وعند حضور الزوجين يتم الاستماع إليهم بغرفة المشورة من طرف قاضي الاسرة، وخلال هذه الجلسة تقوم المحكمة بجميع محاولات الرامية إلى تقريب وجهة نظرهما لإنهاء النزاع القائم بينهما، وتجري جلسة الصلح في جلسة سرية، وفي حالة ما إذا كان هناك أطفال هناك أطفال أو بدا للمحكمة أن المصلحة تقتضي تأخير القضية إلى جلسة أخرى إما تلقائيا أو بناء على طلب الزوجين، كما يمكنها تأخير القضية لاستدعاء من ترى فائدة في الاستماع إليه، بما في ذلك اللجوء إلى الحكمين أو مجلس العائلة أو أي شخص أخر .
ونشير إلى أن المدة الفاصلة بين جلسات الصلح التي تعتمدها المحكمة في مجال  دعوى الطلاق والتطليق والتعدد  مدة لا تقل عن 30 يوم وذلك لتوفير مجال الإصلاح ورأب الصدع .
المطلب الثاني: المؤسسات المرصدة للصلح
يمكن رصد مؤسستين امساعدتين للقاضي في مهامه الصلحية، ويتعلق الأمر بمؤسسة الحكمين ومجلس العائلة.
أولا: مؤسسة الحكمين
نص المشرع المغربي في مدونة الأسرة على وجوب إنتداب حكمين من طرف المحكمة في حالة إستمرار النزاع بين الزوجين للتوفيق بينهما، وهذه المسطرة ليست دخيلة على القانون المغربي، بل هي هي في جوهرها مستمدة من الشرع الإسلامي رغم أن هذه المسطرة أصيلة في قواعد الفقه الاسلامي فإن مدونة الأسرة لم تحدد الشروط الواجب توفرها في الحكمين، ومن ثم يتعين الرجوع إلى قواعد الفقه المالكي التي أحالت إليه المادة 400 من مدونة الأسرة وبإعمال قواعد الفقه المالكي فإنه يشترط في الحكمين أربعة شروط وهي الذكورة والعدالة والرشد والعلم بمهمتهما وكيفية أدائها، ويجب أن يكونا من أهلي الزوجين لأنهم الأكثر إطلاعا ‘لى أسرار الأسرة، وأقدر على حل النزاع بين الزوجين من خلال إقتراح الحلول الواقعية لهم.
وبخصوص مهمة الحكمين نجد المادة 95 من مدونة الأسرة تحدد مهمة الحكمين في محاولة التعرف على الأسباب الجوهرية التي أدت إلى الخلاف بين الزوجين الإنتقال إلى تدوين هذه المشاكل وتقريب وجهات النظر الطرفين للوصول إلى صلح يربطهما ويرجع الطمأنيمة  والسكينة للعلاقة الزوجية .
ثانيا: مجلس العائلة
نصت المادة 251 من مدونة الأسرة على أنه يحدث مجلس للعائلة تناط به مهمة مساعدة القضاء في إختصاصته المتعلقة بشؤون الأسرة ويحدد تكوينه ومهامه بمقتضى نص تنظيمي ومن خلال المرسوم  من المرسوم رقم 2.04.88 .
و من خلال المادة الأولى من المرسوم رقم 02.04.88 يستفاد منها أنه جعل مجلس العائلة يتكون : من القاضي رئيسا ، الأب والأم أو الوصي أو المقدم ، أربعة أعضاء يعينهم في مجلس العائلة من بين الأقارب أو الأصهار بالتساوي بين جهة الأب وجهة الأم ، أو جهة الزوج حسب الأحوال وفي حالة ما إذا تعذر تشكيلهم من الجهتين معا أمكن تكوين مجلس العائلة من جهة واحدة سواء تعلق الأمر بجهة الأب أو جهة الأم .ويشترط في أعضاء مجلس العائلة لزوما أن يكومو كاملي الأهلية، كما يمكن للرئيس أن يغير أي عضو من أعضاء المجلس .
ومجلس العائلة يبدي رأيه في كل ماله صلة وعلاقة بشؤون الأسرة حسب المادة السابعة من المرسوم رقم 2.04.88 .

وصفوة القول ان المشرع في مدونة الأسرة  نص على مسطرة الصلح من أجل والحفاظ على تماسك الأسرة من خلال إقرار سلم اجتماعي في الخلية الأسرية ، التي تشكل الأساس لإصلاح المجتمع والحفاظ على تآزرها واستقرارها باعتبارها مؤسسة اجتماعية لها دور أساسي وفعال في تنمية المجتمع ، ومن تم وجب حمايتها والاعتناء بها عن طريق إقرار الكثير من القواعد القانونية والقضائية والتدابير الإجرائية التي تساعد على استمرارها وتضمن حقوق أفرادها ، وتقر علاقات متوازنة وسليمة ، فإصلاح المجتمع يمر بشكل حتمي من خلال إصلاح أحوال الأسرة وإرساء أسس حمايتها عن طريق تنظيم العلاقات الأسرية في إطار قانوني يحقق العدل والإنصاف والكرامة الإنسانية لكل مكوناتها .


التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

باحث في المجال القانوني حاصل على الماستر المتخصص في المهن القانونية والقضائية بكلية

جميع الحقوق محفوظة

مدونة المهن القانونية والقضائية ..

2016