الصلح الزجري
ان من دواعي الاطمئنان للعدالة الجنائية
والثقة في نجاعتها حسب المنظور المعاصر والحديث اعتماد قنوات جديدة لحل النزاعات خارج
الإطار الكلاسيكي ، من خلال اعتماد اسلوب التسوية الودية عبر اجراء مصالحة ودية
بين اطراف الخصومة المباشرين، وهي وسيلة تؤدي الى سد باب الشقاق ورأب الصدع وجبر
الضرر والقضاء على الفتن والاضطرابات والحد من النزاعات الانتقامية لدى الضحايا،
وهذا التدبير احدث حلا وسطا بين قراري الحفظ والمتابعة اللدين تملكهما النيابة
العامة، اد سيمكن من تجنيب متابعة المتهم وفي نفس الوقت يقدم حلا للضحية بالحفاظ
على حقوقه ، وصون حقوق المجتمع .
ويهم هذا التدبير جنحا محددة على سبيل الحصر تتسم
بكونها لا تعتبر خطيرة على النظام العام ويقتصر رضاؤهما الظاهر على الاطراف الذي يعتبر رضاهم ضروري لتحقيق
الصلح الزجري ، ولقد تم تقييد هذا التدبير
بمراقبة القضاء الذي له ان يتأكد من وقوعه بحضور الاطراف ودفاعهم قبل اقراره بأمر
قضائي يصدره رئيس المحكمة او من ينوب عنه . فماهي الجرائم المشمولة بالصلح ؟ وهاهي
صور الصلح؟ ومسطرته واثاره؟
هذه الاسئلة سأتولى الاجابة عنها نن خلال
تبني التصميم التالي :
الفقرة الاولى: الجرائم المشمولة بالصلح
الفقرة الثانية: مسطرة الصلح الزجري واثارها
الفقرة الاولى: الجرائم التي يشملها الصلح وصوره
لم يعرف المشرع عند التطرق للصلح الجنائي الى
تعريف، لكنه عرفه في ظهير الالتزامات والعقود في الفصل 1098 حيث عرفه بأنه عقد بمقتضاه يحسم الطرفان
نزاعا قائما أو يتوقيان قيامه، وذلك بتنازل كل منهما للأخر عن جزء مما يدعيه
لنفسه، أو بإعطائه مالا معينا أو حق، ويعتبر الصلح الزجري من بين المستجدات التي أتى
بها قانون المسطرة الجنائية ، حيث تم النص عليه في المادة 41
ح
حيث نظمت هذه المادة الجرائم التي يشملها الصلح (اولل) وصور الصلح الزجري (ثانيا).
اولا: الجرائم التي يشملها الصلح الزجري
نص المشرع المغربي في بداية المادة 41 من
قانون المسطرة الجنائية على انه يمكن
للمتضرر او المشتكى به قبل اقامة الدعوى العمومية وكلما تعلق الامر بجريمة يعاقب
عليها بسنتين او اقل او بغرامة لا تتجاوز 5000 درهم ويضمن الصلح الحاصل بينهما في
محضر.
من خلال الفقرة الاولى من المادة 41 يتضح ان
الجرائم التي يشملها الصلح هي الجرائم المعاقب عليها بسنتين حبسا او اقل اي الجنح
الطبظية، والجرائم المعاقب عليها بغرامة لا تتجاوز 5000 درهم .
وبالتالي نجد ان الصلح يقتصر على جرائم محددة
على سبيل الحصر، وهذه الجرائم تتسم بالبساطة وعظم المساس بالنظام العام والتي يقتصر ضررها في الغالب على اصحابها الذي
يعتبر رضاهم ضروريا لتحقيق المصالحة ولارتباطها غالبا بالجوانب الاجتماعية والعائلية،
كما أن الاحصائيات تؤكد على ان هذه القضايا تحتل
الصدارة في القضايا الرائجة امام المحاكم الابتدائية من قبيل الايداء
العمدي الخفيف اهمال الاسرة السرقة الزهيدة .........
ثانيا: صور الصلح الزجري
نصت الفقرة الثانية من المادة 41 من ق.م.ج. على صورتين للصلح الزجري هما الصلح
الاتفاقي والصلح المقترح.
1-
الصلح الاتفاقي
يتم بناءا على طلب الى وكيل الملك يقدم من طرف المتضرر او المشتكى به قبل
اقامة الدعوى العمومية يرمي الى تضمين الصلح القائم بينهما في محضر .
ويمكن تصور حالات هذا الصلح في الواقع العملي فيما يلي:
- ان يتوافق الاطراف الثلاثة اي المشتكي والمشتكى به
والنيابة العامة على الصلح فيحضروا جميعا.
- واما ان يطلب المشتكي به والمتضرر سلوك مسطرة الصلح
الزجري وفي هذه الحالة يمون حضورهما ضروريا .
-
2
) الصلح المقترح .
قد يكون الصلح الزجري مقترح حيث قد تقوم النيابة العامة باقتراح الصلح
على المشتكي به او المشتبه فيه في خالة عدم حضور المتضرر امام النيابة العامة،
ويتبين نن وثائق الملف وجود تنازل مكتوب صادر عنه. او في حالة عدم وجود مشتك وهذا
الصلح يشمل في اداء نصف الحد الاقصى للغرامة المقدرة للجريمة او اصلاخ الضرر
الناتج عنها .
كما للصلح الزجري مسطرة
ينبغي اتباعها سواء كان هذا الصلح اتفاقي او مفترح.
الفقرة الثانية: مسطرة
الصلح الزجري واثاره
اولا: مسطرة الصلح
الاتفاقي
منحت الفقرة الاولى من
المادة 41 من ق.م.ج حق المبادرة في طلب الصلح لأطراف النزاع كلما تعلق الأمر
بالجرائم المنصوص في الفقرة الاولى من المادة 41 من ق.م.ج.
حيث يتقدم الى وكيل
الملك لتضمين الصلح القائم بينهما وفي حالة تراضي الطرفين حول الصلح يحرر وكيل
الملك محضرا بحضور الطرفين ودفاعهما ما لم يتنازلا او يتنازل احدهما عن ذلكويتضمن
ما اتفق عليه الطرفان وما يفيد اشعارهما او
دفاعهما من طرف وكيل الملك بتاريخ جلسة غرفة المشورة ويتم التوقيع على المحضر من
طرف وكيل الملك والطرفان.
ويقوم وكيل الملك بعد
ذلك بإحالة المحضر على رئيس المحكمة الابتداىية ليقوم هو او من ينوب عنه بالتصديق
عليه بغرفة المشورة بموجب امر قضائي لا يقبل اي طعن بحضور ممثل النيابة العامة
والطرفين ودفاعهما .
ويتضمن الامر القضائي
الصادر عن رئيس المحكمة او من ينوب عنه ما اتفق عليه الطرفان .
ثانيا : مسطرة الصلح
المقترح
يمكن لوكيل الملك بموجب
الفقرة السادسة من المادة 41 من ق.م.ج ج. ان
يقترح على المشتكى به او المشتبه فيه صلحا يتمثل في اداء نصف الحد الاقصى للغرامة المقرر
قانونا للجريمة ، او اصلاح الضرر الناتج عن افعاله اذا لم يحضر امامه المتضرر
وتبين له من وثائق الملف وجود تنازل صادر عنه، او في حالة عدم وجود مشتك.
وفي حالة موافقة المشتكى
به او المشتبه به يحرر وكيل الملك محضرا يتضمن ما تم الاتفاق عليه وما يفيد إشعار المعني
بالأمر او دفاعه بتاريخ جلسة المشورة ويوقع المعني بالأمر ووكيل الملك على المحضر
الذي يحال على رئيس المحكمة الابتدائية او من ينوب عليه للتصديق عليه بحضور جميع الإطراف
بموجب أمر قضائي غير قابل للطعن.
ويترتب على مسطرة الصلح
الزجري أو بأمر القضائي الصادر بشأنها وقف اقامة الدعوى العمومية مع ابقاء حق وكيل الملك في اقامتها من جديد مالم
تتقادم في الحالات التالية
عدم المصادقة على محضر
الصلح
ظهور عناصر جديدة تمس
الدعوى العمومية .
وبالتالي الصلح لا يؤدي
الى سقوط الدعوى العمومية يل اقافها ،
وتبقى آلية الصلح الزجري من الآليات الفعالة
ف مجال العدالة الجنائية لما لها من اهمية في تربية النفس على التسامح
وابعاد السلوك الاناني من دافع الانتقام وتخفيف العبء تن المحاكم الابتدائية من المنازعات
. وقد حاول المشرع الرفع من فعالية الصلح الزجري من خلال النص على مقتضيات جديدة
في مشروع ق.م.ج.