![]() |
مم |
دور
النيابة العامة في ارجاع الزوج المطرود الى بيت الزوجية
سعيا من المشرع المغربي في توفير سبل النجاح
والتطبيق السليم لمدونة الاسرة، اسند المشرع المغربي للنيابة العامة مهام جديدة وهامة
في قضايا مدونة الاسرة، وذلك لكونها طرف
رئيسي في جميع القضايا الرامية الى تطبيق احكام المدونة عملا بالمادة 3
منها ،وذلك بغية الحرص على التطبيق السليم للقانون، والحفاظ على التوازن وحقوق
الافراد في المجتمع.
ومن هذا المنطلق فإن تدخل النيابة العامة من
اجل ارجاع المطرود من الزوجين إلى بيت الزوجية. يجد سنده في القانون في المادة 53التي
نصت على انه إذا قام أحد الزوجين بإخراج
الأخر من بيت الزوجية دون مبرر تدخلت النيابة العامة لإرجاع الزوج المطرود
وتتجلى أهمية المادة 53 أنها مكنت النيابة
العامة من معالجة واقع أسري مشوب بمعاناة أحد طرفيه الأساسيين، أولهما الزوج
والزوجة والتي تكمن في قيام احدهما بطرد الاخر من بيت الزوجية دون مبرر مقبول،
وبالتالي إيجاد حلول لهذه الظاهرة الإجتماعية الأسرية المأساويةبإرجاع الزوج
الضحية الى البيت الأسري، لهذه الاهمية وغيرها تم النص على هذه المادة .
وتطرح هذه المادة عدة اشكالات على المستوى
العملي، فماهي المسطرة المتبعة للإرجاع الزوج المطرود الى بيت الزوجية ؟ وماهي
الاشكالات العملية لتطبيق المادة 53؟هذه الاشكالات سأتولى الاجابة عنها من خلال
تبني التصميم التالي:
الفقرة الاولى: المسطرة المتبعة للإرجاع الزوج المطرود الى
بيت الزوجية
الفقرة الثانية: الاشكالات العملية المرتبطة بالمادة 53
الفقرة الاولى: المسطرة المتبعة لإرجاع
الزوج المطرود الى بيت الزوجية
كما قلنا في السابق ان سند النيابة في التدخل
من اجل إرجاع الزوج الذي تم طرده من بيت الزوجية، يكمن في المادة 53 وفي مركزها
القانوني الذي تتبوأه في مدونة الأسرة حيث تعتبر طرفا اصليا في جميع الاحكام الرامية
إلى تطبيق هذه المدونة استنادا الى المادة الثالثة منها كما سلف تبيانه..
على هذا الأساس حق للزوج او الزوجة الذي تم
طرده من بيت الزوجية اللجوء الى النيابة العامة التي يوجد بدائرتها البيت
المذكور بهدف إرجاعه إليه حالا، بعد إتخادا الاجراءات الكفيلة بأمنه
وحمايته ، وذلك بتقديم شكاية وكيل الملك شخصيا او أحد نوابه المكلف بتلقي الشكايات
، وغالبا ما يتم الاستماع إلى الزوج المطرود أو الى الزوجة المطرودة بمقر
النيابة العامة وذلك بموجب محضر قانوني يضمن فيه هوية الزوج المطرود الكاملة وتصريحاته حول الواقعة ويوقع قاضي النيابة العامة ال جانب كاتب الضبط والمشتكية .
وبعد ذلك يتخذ الاجراءات
المناسبة التي لا تخرج عن احد الاحتمالات التالية :
·
حفظ القضية بعد القيام بالمطلوب وذلك
بإرجاع الزوج المطرود إلى ببت الزوجية وإصلاح ذات البين.
·
فتح المتابعة للقضية وذلك بتحريك
الدعوى العمومية في حق الزوج المعتدي إذا اقترنت واقعة الطرد من البيت بفعل جرمي
اخر معاقب عليه قانونا اقترفه الزوج المتهم مع اصرار الضحية على المتابعة وامتناع
المشتكي من ارجاع زوجته.
·
حفظ القضية لتعذر تنفيد تعليمات
النيابة العامة كعدم العثور على الزوج على المشتكى به وتبلغ الزوجة بقرار الحفظ فورا في حالة حضورها
او داخل اجل 15 يوم من تاريخ اتخاد
الاجراء .
وغني عن البيان ان تدخل النيابة العامة في إطار
تطبيق المادة 53 من المدونة يدخل ضمن مهام النيابة العامة الحمائية والتي تستهدف
حماية كيان الاسرة ، وتدخل النيابة العامة يجب مراعاة فيه العناصر التالية :
·
قيام أحد الزوجين بطرد الاخر من بيت
الزوجية
·
أن يكون هذا الطرد دون مبرر
·
ان تتدخل النيابة حالا من خلال
ارجاع الزوج المطرود الى بيت الزوجية
·
أن تتخذ كافة الإجراءات بحماية
الزوج وحمايته.
·
ان تراعي في مبادراتها مصلحة الاسرة
اولا قبل كل شيء وان لا يتم التسرع في اتخاد الاجراءات قد تزيد من توتر الرابطة الزوجية
.
الفقرة الثانية: الاشكالات العملية للمادة
53
إن الهدف من المادة 53 هو حماية الاسرة وضمان
استقرارها ،والهدف من تدخل النيابة العامة هو بسبب ما تتوفر عليه النيابة العامة من سلطات قضائية مهمة تكفل لها سرعة التدخل واتخاد المبادرات المطلوبة
اما بصفة شخصية او عن طريق الضابطة القضائية المختصة، إلا أن تدخل النيابة العامة
في إطار المادة 53سجل العديد من الاشكالات نذكر منها ما يلي:
·
عبارة دون مبرر الواردة في النص
تكتنفها الغموض بخصوص كنهها ومعناها، فإذا كانت واقعت الطرد لا تثير أي إشكال لأن
من السهل إثباتها الا أن الاشكال يثور حول مدى تبرير الطرد من عدمه وهذا في غياب
معايير واضحة لمعرفة هب الطرد مبرر ام غير مبرر، بالتالي فالأمريبقى متروكا للسلطة
التقديرية للنيابة العامة حسب كل حالة على حده كما لو كان الزوج مصاب بخلل عقلي الأمر
الذي يشكل خطرا للطرف الأخر مما يحول دون تدخل النيابة العامة من اجل ارجاع الزوج
المطرود إلى بيت الزوجية، او يكون الزوج المطرود قد أقدم على فعل مخل بالأخلاق الحميدة
كأن يكون في حالة سكر او تخدير.
·
تدخل النيابة العامة من أجل إرجاع
الزوج المطرود حالا، هذا الأمر الذي يصطدم بعدة صعوبات كحدوث الطرد ليلا مما
يستوجب معه تواجد النيابة العامة في حالة مدوامة مستمرة لمواجهة كل حالة على حدة
وفي كل وقت وحين حتى لا يبقى المطرود من الزوجين عرضة للتشرد وبدون مأموى وهذا
يتطلب على ممثل النيابة العامة المكلف بالمداومة على مستوى الحدث من اجل التدخل
لتصحيح الوضع الشاد.
·
قد يكون بيت الزوجية ملكا لعائلة
الزوج الذي يرفض ارجاع الزوجة ، هذا الامر متروك للسلطة التقديريةلقاضي النيابة
العامة تبعا لظروف وملابسات الحالة المطروحة كأن بتعهد الطرف المعتدي بعدم تكرار
ما قام به من تعد.
وصفوة القول ان المادة 53 تعتبر من المستجدات
المهمة التي جاءت بها مدونة الاسرة لمعالجة اوضاع صعبة وفي غاية الحساسية،
فالنيابة العامة يجب ان تتدخل وترجع الزوج المطرود وان تراعي في تدخلها مصلحة
الاسرة والعلاقة الزوجية . وهو ما يدعونا للقول بإحداث نيابة عامة متخصصة في
القضاء الاسري.