-->
مدونة المهن القانونية والقضائية .. مدونة  المهن القانونية والقضائية ..

الطلاق في مدونة الاسرة




عرفت لنا المادة 78 من مدونة الأسرة الطلاق بأنه حل ميثاق الزوجية يمارسه الزوج والزوجة كل حسب شروطه تحت مراقبة القضاء وطبقا للأحكام المدونة.
كما هو معلوم فالاصل في الزواج هو الإستمرارية وإنشاء أسرة مستقرة برعاية الزوجين، غير أنه في بعض الاحيان قد ينتاب هذه الغاية عدم الوفاق وتلاشي سبل التواصل وإندثار مظاهر المودة والمحبة بين طرفي العلاقة الزوجية مما يتولد معه ضرورة وضع حد للعلاقة الزوجية، حيث تقضي مصلحة الأسرة والزوجان أن يفترقا، وذلك في حدود قاعدة أخف الضررين وذلك أستنادا إلى المادة 70 من مدونة الأسرة .
وسيرا على مبدأ المساواة الذي نهجه المشرع في مدونة الأسرة جعل ممارسة للزوجين معا بعد أن كان حكرا على الزوج فقط، وقد أوجد المشرع صيغا كثيرة لإنحلال ميثاق الزوجية، بما في ذلك الطلاق الذي أوكل مهمة الإذن به للقضاء، حيث نجد القضاء حاضرا في جميع مراحل وأنواع إنحلال ميثاق الزواج بما في ذلك الطلاق.
فماهي أنواع الطلاق؟ وماهي إجراءاته؟ هذا ما سأتولى الإجابة عنه من خلال هذا الموضوع المتواضع .
المطلب الأول: إجراءات دعوى الطلاق

المطلب الثاني: صور الطلاق 

المطلب الأول: إجراءات دعوى الطلاق

وضع المشرع مسطرة خاصة بإنحلال ميثاق الزوجية عن طريق الطلاق، فعلى الزوج الراغب في الطلاق القيام بمجموعة من الإجراءات، وتتمثل هاته الإجراءات فيمايلي:
الفقرة الأولى ا: تقديم طلب الإذن بالإشهاد على الطلاق للمحكمة المختصة
من خلال المادة 79 من مدونة الأسرة يتضح أنه يجب على من يرغب في الطلاق أن يتقدم بطلب الإذن بالإشهاد به لدى عدلين منتصبين لذلك، بدائرة نفود المحكمة التي يوجد بدائرة نفودها بيت الزوجية أو موطن الزوجة أو محل إقامتها.أو التي أبرم فيها عقد الزواج وفق هذا الترتيب من خلال هذه المادة يتضح أن المشرع جعل من الترتيب الوارد في المادة أعلاه دو طابع إلزامي يتعين على الزوج إحترامه.
كما تصت المادة 80 من مدونة الأسرة على مضمون طلب الإذن بالإشهاد على الطلاق، حيث يتعن علة الزوج أن يضمن في الطلب بوضوح المعلومات الكاملة عن هويته وهوية زوجته ومهنتهما وعنونهما، وكذا عدد الأطفال إن كانو، مع بيان سنهم ووضعهم الدراسي والصحي، كما يجب أن يرفق الطلب بمستند الزوجية وبالحجج التي تتبث وضعيته المادية مثل بيان الإلتزامات وشهادة الأجر والتصريح الضريبي بالدخل، وكذا الوثائق المثبتة لإلتزامته المالية .
الفقرة الثانية: إجراءات الصلح
يتعين على المحكمة بعد تقديم طلب الإذن منها للطلاق ان تطبق إجبارا مسطرة الصلح بين الطرفين، وذلك من خلال إستدعاء المحكمة للزجين لمحاولة الصلح بينهما فإذا توصل الزوج بالإستدعاء شخصيا ولم يحضر دون عذر مقبول اعتبر ذلك منه تراجعا عن طلبه.
أما الزوجة التي لم تحضر رغم توصلها بالإستدعاء شخصيا ولم تقدم أي ملاحظة مكتوبة، عوض حضورها، فإن المحكمة تخطرها بذلك عن طريق النيابة العامة بأن عدم حضورها سيجعل المحكمة تبت في الملف في غيابها.
أما إذا كان عنوان الزوجة مجهولا فإن النيابة العامة تسخر جميع الإمكانات المتاحة للوصول إلى الحقيقة .
وإذا ثبت أن الزوج تحايل في تقديم العنوان ومعلومات عن مكان الزوجة فإنه تطبق عليه العقوبات المقررة في الفصل 361 من القانون الجنائي.
وعند حضور الطرفين تجري المناقشة بغرفة المشورة، بما في ذلك الإستماع إلى الشهود ولمن ترى المحكمة فائدة في الإستماع إليه، وللمحكمة أن تقوم بكل الإجراءات بما في ذلك إنتداب حكمين أومجلس عائلة أو من تراه مؤهلا لإصلاح ذات البين بين الزوجين، وفي حالة وجود أطفال تقوم المحكمة بمحاولتين للصلح تفصل بينهما مدة لاتقل عن ثلاثين يوما .
وفي حالة نجاح محاولة الصلح حرر به محضر وتم الإشهاد به من طرف المحكمة وذلك طبقا للمادة 82 من مدونة الأسرة.
أما إذا تعذر الإصلاح تحدد المحكمة مبلغا كافيا يودعه الزوج بصندوق المحكمة داخل أجل لا يتجتوز 30 يوم لتغطية مستحقات الزوجة والأطفال الملزم قانونا بالإنفاق عليهم، إذا لم يودع الزوج هذا المبلغ المحدد من طرف المحكمة داخل الأجل المحدد له فإنه يعتبر متراجعا عن طلبه في الطلاق (م 83 من م أ).
الفقرة الثالثة: تحديد مستحقات الزوجة والأطفال
 ساتناول في هذه الفقرة مستحقات الزوجة (أولا) وإلى مستحقات الأطفال (ثانيا)
اولا: مستحقات الزوجة
من خلال المادة 84 من مدونة الأسرة يتضح أن مستحقات الزوجة تشمل مايلي:
1) مؤخر الصداق: يجوز للزوج أن يتفق مع زوجته على تأخير جزء من الصداق إلى بعد البناء، ففي هذه الحالة يصبح مؤخر الصداق دينا في ذمة الزوج، ولا يسقط إلا بالاداء أو الإبراء، كما أن مدونة الأسرة نصت في المادة 33 أن الصداق لا يخضع لأي تقادم بل أكثر من ذلك أصبح مؤخر الصداق دينا من الديون الممتازة على كل المنقولات طبق للفصل 1248من قانون الإلتزامات والعقود .
2)     نفقة العدة وأجرة السكنى: تشمل مستحقات الزوجة ايضا نفقة العدة المتمثلة في الطعام والكسوة والعلاج وما يعتبر من الضروريات  ويراعى في تقديرها التوسط ودخل الملزم بالنفقة وحال مستحيقها و مستوى الاسعار و الاعراف السائدة في الوسط التي تعرض فيه . إضافة إلى ذلك سكنى الزوجة خلال فترة العدة حيث يمن للزوجة أن تمكث في بيت الزوجية حتى تنتهي عدتها، وقد تعتد المطلقة في غير بيت الزوجية لما قد تستوجبه الضرورة أو لعذر مقبول وهكذا فإن إقامتها خلال فترة العدة في غير بيت الزوجية لا يعني أن تستقر في أي مكان بل يجب أن يكون البيت ملائم للمرأة ويترجم الوضعية المالية للزوج، وإذا تعذر تهيئهذا السكن  للزوجةفإن المحكمة تحدد تكاليف السكن في مبلغ يعكس الوضعية المالية للزوج يودع ضمن مستحقاتها  بكتابة الضبظ .
3)     المتعة: يراد بالمتعة في إصطلاح الفقهاء ما تتمتع به الزوجة تعويضا عن إيحاشها الفرقة بينها وبين زوجها ويرى الفقهاء أن المتعة هي الثياب التي به المراةالمطلقة عند خروجها من بيت الزوجية حسب العرف وبقيمة وقد تكون المتعة بقيمة ذلك أو مايعادلها .
فالمتعة حسب مدونة الاسرة تمنح لكل مطلقة بدون إستثناء وبغض النظر عن طالب إنهاء العلاقة الزوجية ، كما أن نطاق تطبيقها أصبح واسعا بإعتبارها تعويضا عن الضرر الذي يلحق الزوجة ويلاجظ أن كلا من الزوجين يمكن أن يكون سببا في الطلاق، وقد بدأ إتجاه قضائي يستقر على قاعدة مفادها أن المتعة لا يحكم بها للمطلقة إلا في حالة الطلاق او التطليق الذي يتم بناءا على طلب الزوج .
وفي جميع الأحوال فالزوجة تستحق المتعة حتى ولو كانت هي سبب في الطلاق أو التطليق وذلك وفق مقتضيات المادة 97 من مدونة الأسرة، وغالبا ماتراعي المحكمة في تقديرها للمتعة مدى تعسف الزوج من عدمة في توقيع الطلاق ما لحق الزوجة من ضرر، وما إذا كانت أسباب الطلاق مبررة أوغير مبررة.
ثانيا: مستحقات الأطفال
نصت المادة 85 من المدونة على انه تحدد مستحقات الاطفال الملزم بنفقتهم طبقا للمادتين 168 و190بعده مع مراعاة الوضعية المعيشية والتعليمية التي كانو عليها قبل الطلاق.
من خلال هذا النص يتضح أن المشرع المغربي بادر إلى تنظيم حقوق الأطفال في المدونة تكريسا وتتويجا للتوجه الذي نحاه بخصوص تعزيز حماية حقوق الطفل ومركزه القانوني خاصة في حالة تفكك الاسرة، بإعتبار أن الاطفال إن وجدو يشكلون الضحية الاكثر تضررا من جراء إنحلال ميثاق الزوجية.
مما أوجب المشرع على المحكمة تحديد في حكمها مستحقات الأطفال الواجب دفعها شهريا للأولاد، وتراعي في ذلك الوضعية التي كانو يعشون فيها قبل الطلاق .
وتجدر الإشار أنه في حالة لم يودع الزوج المبلغ المنصوص عليه في المادة 83 من مدونة الأسرة داخل الأجل المحدد له إعتبر متراجعا عن رغبته في الطلاق ويتم الإشهاد على ذلك من طرف المحكمة وذلك طبقا للمادة 86 .

الفقرة الرابعة: اصدار القرار بالإذن بالطلاق.
إذا وضع الزوج المبلغ المحدد لمستحقات الزوجة والأطفال، داخل الأجل المحدد له، تأذن له المحكمة بالإشهاد على الطلاق، لدى عدلين داخل دائرة ي نفود نفس المحكمة التي أصدرت الإذن، وبعد أن يرسم الطلاق بخطاب القاضي يقوم هذا الأخير فورا بتوجيه نسخة من المحكمة التي أصدرت الإذن.
وهكذا فالإشهاد على الطلاق يتم بعد إذن المحكمة مهما توفرت شروط ذلك بما فيهاىالمبلغ المحدد
وبعد مخاطبة القاضي على وثيقة الطلاق يقوم بتوجيه نسخة منها إلى المحكمة التي أصدرت الإذن بدلك.
وبعد أن تتوصل  هذه المحكمة بنسخة من الوثيقة تصدر قرارا معللا يتضمن جملة من المعلومات من  بينها الهويه الكاملة للزوجين، ومكان زواجهما وموطنهما أو محل إقامتهما، وملخص للمناقشات التي تمت في هذا الصدد، وإدعاءاتهما وطلباتهما والحجج والإثباتات المقدمة في الموضوع ولجميع الإجراءات التي تم إنجازها وكذا مستنتجات النيابة العامة، إضافة الى تاريخ الإشهلد على الطلاق الذي يعتبر من أهم المعلومات الاتي يتضمنها القرار لانه يفيد في تاريخ إنتهاء العدة، وإثبات النسب في حالة الإنجاب.
هذا بالإضافة إلى أسماء الأطفال وحاضنهم وتنظيم الزيارة لهم.
وفي الأخير تحديد جميع مستحقات الخاصة وأجرة الحضانة و الرضاعة إن كانت المطلقة ترضع وذلك بعد العدة، وهذا القرار المتضمن للعناصر المذكورة يقبل الطعن طبقا للإجراءات العادية .

المطلب الثاني: صور الطلاق 

يتخد الطلاق عدة صور  منها  طلاق التمليك والطلاق بالإتفاق  الطلاق بالخلع
الفقرة الأولى: طلاق التمليك.
 يقصد بطلاق التمليك تمليك الزوج زوجته حق إيقاع الطلاق حيث يجعل الرجل أمر زوجته بيدها فتملك عصمتها ولها أن توقع الطلاق متى شاءت، ولايمكن للزوج أن يتراجع عن هذا التمليك.
طبقا لأحكام المادة 89 من مدونة الأسرة يمكن للزوجة أن تشترط على زوجها في عقد الزواج أن يكون أمرها بيدها، وعلى هذا الأساس فقد تشهر المراة ورقة الطلاق هاته لكن بعد إجراءات نصت عليها هذه المادة، حيث يقيد الأمر بضرورة تقديم طلب إلى المحكمة وفق أحكام المادتين 79و80 كما سبق شرحة وعلى المحكمة أن تتأكد أولا من توفر شرط التمليك المتفق عليه بين الزوجين، ثم تعمل على الإصلاح بينهما تبعا لمقتضيات المادتين 81و82 كما سبق تحليلهما.
وإطا تعذر الإصلاح تأذن المحكمة بالإشهاد على الطلاق مع ضمان حقوق الزوجة والابناء إذا كانو، حيث تحدد جميع مستحقات المترتبة على الزوج وفق مقتضيات المادتين 84و85.
ولايمكن للزوج أن يعزل زوجته في ممارسة التمليك الذي ملكها إياه.
الفقرة الثانية: الطلاق بالإتفاق أوبالخلع
سوف أتطرق في هذه الفقرة إلى الطالق بالإتفاق (أولا) والطلاق بالخلع (ثانيا).
اولا: الطلاق بالإتفاق
يعتبر هذا النوع من الطلاق من المستجدات التي جاءت بها مدونة الأسرة، حيث يمكن للزجين ان يتفقا وديا على إنهاء العلاقة الزوجية بدون شرط أو بشروط لاتخالف أحكام مدونة الأسرة، ولا تضر بمصالح الاطفال إن وجدوا.وغن كان مصطلح الطلاق بالإتفاق غير معروف عند الفقهاء وذلك على عكس الطلاق بالخلع الذي تطرق إليه بالتفصيل الفقه الإسلامي ولشرعيته.
حسب الأستاد محمد الكشبور فإن الطلاق الإتفاقي وبالشكل الذي جاء به مدونة الأسرة لا يصطدم بالمبادئ العامة التي جاء بها الفقه الإسلامي والتي تحث على إحترام الإتفاقات مالم تصطدم مع نص قطعي الدلالة والثبوت.
وقد إقتبس المشرع المغربي الطلاق بالإتفاق من القانون المدني الفرنسي.
ومن خلال المادة 114 من م أ يتضح أنه عند حصول الإتفاق بين الزوجين على الفراق، يبلغان محتواه للمحكمة التي تعمل على الإصلاح بينهما، بحيث لا يجب أن تكون هذه المحاولة تقف عند حدود تبليغهما بمحاولة الصلح، بحيث يجب أن يكون مسعى القاضي إلى الصلح مالم يتبين له أن الإفتراق أفيد، إذا تعذر الإصلاح تأذن المحكمة بالإشهاد على الطلاق بعد أن تكون فحصت محتوى هذا الإتفاق ومشروعية الشروط إن كانت .
ثانيا: الطلاق بالخلع
لقد أقر الإسلام نظام الخلع المستمد من مبادئه الكلية التي ترتكز على دفع الحرج وغزالة الضرر، وسيرا على النهج الذي عمل به المشرع المغربي في لإقراره نظام الخلع في مدونة الأحوال الشخصية الملغاة، عمد إلى التنصيص عليه في مدونة الاسرة
و الطلاق بالخلع هو حل عقدة الزواج بلفظ أو ما في معناه، في مقابل عوض تلتزم به الزوجة. ويشترط لصحة الخلع مايلي:
·   أن يكون الزوج كامل الاهلية عاقلا ومختارا، فالطلاق بالخلع يقتضي إتفاق الزوجين على مبدأ الخلع وهو ركن أساسي في هذا النوع من الطلاق، وأن هذا الإتفاق بدوره يستوجب توفر الزوجين معا على أهلية الأداء وبالتالي لايصح خلع المجنون و المعتوه.
·      أن تكون الزوجة محلا للطلاق أي زوجة شرعية حقيقة أو حكما.
·   أن تكون الزوجة عاقلة راشدة، فالرشيدة تخالع نفسها، أما إذا كانت دون سن الرشد القانوني لايمكنها أن تلتزم بأداء الخلع إلى  بوافقة النائب الشرعي عملا بمقتضيات المادة 116 من مدونة الأسرة، ولكن إذا إتفقا الزوجان على الخلع ولم يوافق النائب الشرعي على مقابل ماخالعت به الزوجت التي تكون دون سن الرشد فإن المحكمة هي التي تحدد هذا المقابل
·   أن يكون الخلع إختياريا من من غير إكراه ولاإضرار بمعنى أن يكون رضا الزوجة قد تم عن بينة وإختيار .
وتجدر الإشارة فإنه في حالة إصرار الزوجة على الخلع ولم يستجب لها الزوج يمكنها اللجوء إلى مسطرة الشقاق .
خـــــــــــاتـــمـــــــــــة


التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

باحث في المجال القانوني حاصل على الماستر المتخصص في المهن القانونية والقضائية بكلية

جميع الحقوق محفوظة

مدونة المهن القانونية والقضائية ..

2016