-->
مدونة المهن القانونية والقضائية .. مدونة  المهن القانونية والقضائية ..

الإثــــــــراء بـــلا ســــــــبب (ملخص)

الإثــــــــراء بـــلا ســــــــبب
يقصد بالإثراء بلا سبب كواقعة قانونية هو إثراء بلا سبب مشروع على حساب شخص أخر حيث  يترتب على الشخض الذي أثرت ذمتة تعويض الشخص المفتقر.
وقد يتأسس الإثراء على أساس قانوني وسبب مشرع كالإثراء الذي يحصل للموهوب له عند تسلمه للهبة، وقد يكون الإثراء ليس له سبب مشروع كمن يقبض مبلغا من المال دون وجه حق .
فإذا كان الإثراء بلاسبب يتأسس على سبب قانوني كان إثراءا صحيحا، أما إذا كان لايستند على أي أساس قيل عندئد أنه إثراء بلا سبب ويترتب عليه التزام المثري بالتعويض.
وفي هذا السياق نجد الفصل 66 من قانون الالتزامات والعقود ينص على أنه "من تسلم شيئا أو حاز شيئا أو أي قيمة أخرى مما هو مملوك للغير بدون سبب يبرر هذا الإثراء ،التزم برده لمن أثرى على حسابه"، فماهي شروط التي يجب أن تتوفر في الإثراء بلا سبب حتى يعتد به؟ وماهي الأثار التي تترتب عنه؟ وهو ما سوف أتطرق إليه من خلال مطلبين
المطلب الأول: شروط الإثراء بلا سبب
المطلب الثاني: أثار الإثراء بلا سبب












المطلب الأول: شروط الإثراء بلا سبب
يستوجب لقيام الإثراء بلاسبب و ثبوته مجموعة من الشروط، وهي شروط لا يعتد بها منفردة، و إنما يجب أن يشد بعضها بعضا، فلا إثراء بلا سبب إلا في اجتماع إثراء أو اغتناء في جانب المدين، وافتقار أصاب الشخص بسبب إثراء الأول، وانعدام سبب قانوني لهذا الإثراء.
الفقرةالأولى: الإثراء
يجب لقيام الإثراء بلا سبب أن يتحقق أن يتحقق إثراء لشخص (enrichisserent)  أيا كان نوع هذا الإثراء: فقد يكون إثراء ماديا أو معنويا، وقد يكون إيجابيا أو سلبيا، وقد يكن مباشرا أو غير مباشر .
     أولا -الإثراء المادي و المعنوي: ﻳﺘﺤﻘﻖ الإثراء المادي ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺍﻟﻜﺴﺐ ﺍﻟﻤﺎﻟﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺤﺼﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻤﺜﺮﻱ ﺩﻭﻥ وجه حق ، كاستلام مبلغ مالي دون سبب ،  أو حتى في حالة  الانتفاع من استعمال آلة دون مبرر ، و هو ما أكد عليه ﺍﻟﻤﺠﻠﺲ ﺍﻻﻋﻠﻰ ﻓﻲ إحدى قراراته ، حيث اعتبر أن " ﺃﻥ ﺍﻟﻄﺎﻋﻨﺔ ﺍﻧﺘﻔﻌﺖ ﻣﻦ ﺭﺍﻓﻌﺔ ﺍﻟﻤﻄﻠﻮﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻘﺾ ﻓﻲ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻤﺎﺭﺓ ﻟﻬﺎ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺍﺗﻔﺎﻕ ﻣﺴﺒﻖ ﻳﺒﺮﺭ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﻧﺘﻔﺎﻉ ﺗﺸﻜﻞ ﺻﻮﺭﺓ ﺍﻻﺛﺮﺍﺀ ﺑﻼ ﺳﺒﺐ ﺍﻟﻤﻨﺼﻮﺹ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﺺ 67  ﻣﻦ . . . ﻭﻟﻬﺬﺍ ﻓﺎﻥ ﺍﻟﻤﻄﻠﻮﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻘﺾ ﺍﻟﺬﻱ أﺛﺒﺖ ﺍﻧﺘﻔﺎﻉ ﺍﻟﻄﺎﻋﻨﺔ ﺑﺮﺍﻓﻌﺘﻪ ﺩﻭﻥ ﻣﺒﺮﺭ ﻳﻜﻮﻥ ﻗﺪ ﺃﺛﺒﺖ ﺣﻘﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺼﻮﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻌﻮﻳﺾ ﻓﻲ ﺣﺪﻭﺩ ﺍﻻﺛﺮﺍﺀ ﻭﻛﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﺎﻋﻨﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺪﻋﻲ ﺃﻥ ﺍﻻﻧﺘﻔﺎﻉ ﻛﺎﻥ ﺑﺪﻭﻥ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﺃﻥ ﺗﺜﺒﺖ ﻋﻘﺪ ﺍﻟﺘﺒﺮﻉ ﺃﻭ ﻛﺎﺭﻳﺔ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﻝ "[1]
كما أن الإثراء يعتد به حتى و لو كان معنويا على خلاف ما كان عليه سابقا  كأن يكون عقليا أو أدبيا أو صحيا.  ﻓﺎﻟﻤﺪﺭﺱ ﻭﻫﻮ ﻳﻌﻠﻢ ﺍﻟﺘﻠﻤﻴﺬ ﻳﺠﻌﻠﻪ ﻳﺜﺮﻱ إثراء ﻋﻘﻠﻴﺎ، ﻭﺍﻟﻤﺤﺎﻣﻲ ﻭﻫﻮ ﻳﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﺣﻜﻢ ﺑﺒﺮﺍﺀﺓ ﺍﻟﻤﺘﻬﻢ ﻳﺠﻌﻠﻪ ﻳﺜﺮﻱ إثراء ﺃﺩﺑﻴﺎ،  كما أن الطبيب أو المعالج و هو يصف الدواء أو يجري عملية لمريض فهو يثريه صحيا، و كذلك المهندس الذي يعد تصميما ، أو لحن ألفه موسيقي و انتفع به الغير [2]، و ذلك دون سابق اتفاق بين المفتقر و المثري ، كل أوجه الإثراء هذه هي قابلة للتقويم بالمال و يجب فيها الاسترداد بقدر الافتقار و الانتفاع.

-                 ثانيا الإثراء الإيجابي والسلبي: يعتد بالإثراء سواء إتخد صورة إيجابية أم إتخد صور سلبية.
فالإثراء  الإيجابي ﻫﻮ ذاك ﺍﻻﺛﺮﺍﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺠﻨﻲ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺸﺨﺺ ﻛﺴﺒﺎ ﻣﺎﺩﻳﺎ ﺃﻭ ﻣﻌﻨﻮﻳﺎ، ﺑﺤﻴﺚ ﺗﺰﺩﺍﺩ ﺫﻣﺘﻪ ﺍﻟﻤﺎدﻴﺔ أو ﺍﻟﻤﻌﻨﻮﻳﺔ ﺑﻌﺪ ﺍﻻﺛﺮﺍﺀ ﻋﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺪﺧﻮﻝ ﻋﻨﺼﺮ ﺟﺪﻳﺪ في هذه هههههههه+الذمة، ﻛﺎﻟﻤﺴﺘﺄﺟﺮ ﻳﻨﺘﻔﻊ ﺑﺎﻟﻌﻴﻦ ﺍﻟﻤﺆﺟﺮﺓ ﺛﻢ ﻳﺤﻜﻢ ﺑﺒﻄﻼﻥ ﺇﺟﺎﺭﺗﻪ.
أما الإثراء السلبي يتحقق متى أمكن تجنيب شخص ما إخـراج قيمة مالية من ذمته، أو تجنيبه خسارة كانت ستلحق به ، كقيام المستـأجر بترميمات جسيمة واجبة على المؤج، أو كالمشتري لعقار مرهون يقوم بدفع دين الـراهن. وبمعنى أخر فإنه يتم إنقاص أعباء شخص و تجنيبه القيام بمصروفات أو نفقات لازمة. كأن يوفي أحد دينا مترتبا على شخص أخر حيث يجنب الموفي الشخص المدين الوفاء بالدين
-                 ثالثا: الإثراء المباشر و الغير المباشر
لايشترط في الإثراء أن إثراءا مباشر بل إنما يعتد يعتد بلإثراء حتى ولو وقع بصورة غير مباشرة.
-                 الإثراء المباشر ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ينتقل مباشرة من ذمة المفتقر إلى ذمة المثري ، سواء كان ذلك بفعل المفتقر ، كأن يقوم شخص بأداء دين عن غيره أو كأن ينتفع بنقود مملوكة لغيره دون عقد قرض ، أو سواء كان بفعل المثري نفسه ، كأن يستعمل شخص أدوات مملوكة للغير في بناء بيته أو في حرث أرضه.
-                 ﺃﻣﺎ ﺍﻻﺛﺮﺍﺀ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻤﺒﺎﺷﺮ : ﻓﻬﻮ يستلزم ﺘﺪﺧﻞ ﺷﺨﺺ ﻭﺳﻴﻂ ﻳﻨﻘﻠﻪ ﻣﻦ ﺫﻣﺔ ﺍﻟﻤﻔﺘﻘﺮ إلى ﺫﻣﺔ ﺍﻟﻤﺜﺮﻱ[3] ﻛحالة الربان الذي ﻳﻠﻘﻲ ﺑﺒﻌﺾ ﻣﺎ ﺗﺤﻤﻞ السفينة  إلى ﺍﻟﺒﺤﺮ لإﻧﻘﺎﺫ ﺍﻟﺒﺎﻗﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﻐﺮﻕ . و كحالة من أستأجر أرضا زراعية و ألقى فيها سمادا دون أن يدفع ثمنه للتاجر، ثم حدث أن  حجـز المالك على زراعة المستأجر. ففي هذه الحالة أصبح المالك مثريا على حساب تاجر السماد المفتقر.
الفقرة الثانية:  الإفتقار
يجب لقيام الإثراء بلا سبب أن يحصل إقتقار لشخص، وأن يكون هذا الإفتقار هو الذي سبب إثراء الشخص الأخر، وبعبارة أخرى لابد من وجود علاقة سببية بين إفتقار شخص المفتقر، وإثراء شخص المثري.
1-                        ﻭﺟﻮﺏ ﺍﻓﺘﻘﺎﺭ ﺍﻟﻤﺪﻳﻦ
ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﺘﺤﻘﻖ ﺍﻓﺘﻘﺎﺭ ﺷﺨﺺ ﺣﺘﻰ ﻳﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﻣﻤﺎﺭﺳﺔ ﺩﻋﻮﻯ ﺍﻻﺛﺮﺍﺀ ﺑﻼ ﺳﺒﺐ، ﻓﻔﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺣﺼﻮﻝ ﺍﻻﺛﺮﺍﺀ ﻓﻲ ﺟﺎﻧﺐ ﺷﺨﺺ ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﻘﺎﺑﻠﻪ ﺍﻓﺘﻘﺎﺭ ﻓﻲ ﺟﺎﻧﺐ ﺁﺧﺮ ﻓﻼ ﺗﻄﺒﻖ ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ ﻫﻨﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﺘﻮﻟﻰ ﻧﺎﻗﺪ ﻣﻨﺢ ﻋﻤﻞ ﺃﺩﺑﻲ أو ﻓﻨﻲ ، ﺃﻭ ﻋﻠﻤﻲ ﻓﻴﻨﺘﺞ ﻓﻲ ﺍﺯﺩﻳﺎﺩ ﻋﺪﺩ ﺍﻟﻨﺴﺦ ﺍﻟﻤﺒﻴﻌﺔ ﻟﻠﻤﺆﻟﻒ ﺃﻭ ﻳﺘﺰﺍﻳﺪ ﺍﻹﻗﺒﺎﻝ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺮﺣﻴﺔ ﺃﻭ ﺷﺮﻳﻂ ﺳﻴﻨﻤﺎﺋﻲ . ﻫﻨﺎ ﻳﻌﺪ ﺍﻟﺠﻬﺪ ﺍﻟﻤﺒﺬﻭﻝ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻨﺎﻗﺪ ﺑﻤﺜﺎﺑﺔ ﺍﻓﺘﻘﺎﺭ، ﻭﻻ ﻳﺤﻖ ﻟﻠﻨﺎﻗﺪ ﺃﻥ ﻳﺮﺟﻊ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺜﺮﻱ .
كما أن الشخص الذي ينشئ حديقة بمنزله ، و ينتج عن الأمر تحسينا لقيمة منزل جاره ، هو لم  يفتقر في هذه الحالة ، لأنه أنشأ الحديقة لمنفعته و قد تحققت منفعته فعلا.
2-                        ﺃﺷﻜﺎﻝ ﺍﻻﻓﺘﻘﺎﺭ
ﺍﻥ ﺍﻓﺘﻘﺎﺭ ﺍﻟﻤﺪﻳﻦ ﻓﻲ ﺣﺪ ﺫﺍﺗﻪ ﻛﺎﻹﺛﺮﺍﺀ ﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺎﺩﻳﺎ ﺃﻭ ﻣﻌﻨﻮﻳﺎ ﻛﻤﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻳﺠﺎﺑﻴﺎ ﺃﻭ ﺳﻠﺒﻴﺎ ﺍﻭ ﻣﺒﺎﺷﺮﺍ ﺃﻭ ﻏﻴﺮ ﻣﺒﺎﺷﺮ .
أ‌-                      ﺍﻻﻓﺘﻘﺎﺭ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻭﺍﻟﻤﻌﻨﻮﻱ :
-   الافتقار المادي قد ﻳﺤﺪﺙ إما ﺑﻨﻘﺼﺎﻥ يمس الذمة المالية للشخص ، كالذي يؤدي أو يدفع دينا على عاتق غيره. أو بعدم الزيادة في هذه الذمة ، ز هو ما نص عليه ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻲ ﻓﻲ إحدى  ﻗﺮﺍﺭاته و التي جاء فيها أن : " ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺃﻳﺪﺕ ﻗﺮﺍﺭﻫﺎ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻄﺎﻋﻨﺔ ﺗﻨﺎﺯﻉ ﻓﻲ ﻛﻮﻥ ﺍﻟﻤﻄﻠﻮﺑﻴﻦ ﺃﺩﻳﺎ ﻭﺍﺟﺒﺎﺕ ﺍﻟﺘﺴﺠﻴﻞ ﻋﻮﺿﺎ ﻋﻨﻬﺎ ﻗﺴﺮﺍ ﻓﻲ ﺇﺗﻤﺎﻡ ﺇﺟﺮﺍﺀﺍﺕ ﻧﻘﻞ ﻣﻠﻜﻴﺔ ﺍﻟﻤﺒﻴﻊ ﺃﻭ ﺗﺴﻠﻤﻪ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺗﻨﺼﺮﻑ إرادة ﺍﻟﺠﻬﺔ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ إلى ﺃﺩﺍﺀ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻮﺍﺟﺒﺎﺕ ﺗﺒﺮﻋﺎ ﻭﺗﺮﺗﺒﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﺎﻥ ﺍﻟﻤﺴﺘﺄﻧﻒ ﻋﻠﻴﻬﻢ ' ﺍﻟﺒﺎﺋﻌﻴﻦ ' ﻣﺤﻘﻴﻦ ﻓﻲ ﺍﺳﺘﺮﺩﺍﺩ ﻣﺎ ﺃﺛﺮﺕ ﺑﻪ ﺍﻟﻤﺜﺮﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺎﺑﻬﻢ . ﺑﺎﻟﻔﺼﻞ 69  ﻣﻦ . . ﻭﻳﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ ﺃﺩﺍﺀ ﻭﺍﺟﺐ ﺍﻟﺘﺴﺠﻴﻞ ﻓﻜﺎﻥ ﻗﺮﺍﺭﻫﺎ ﻣﻌﻠﻼ تعليلا سليما" [4].
-   ﺃﻣﺎ الافتقار اﻟﻤﻌﻨﻮﻱ فهو قد يكون أدبيا أو صحيا، كافتقار المدرس الذي يعلم تلميذا ، أو المحامي الذي يدافع عن متهما أو الطبيب الذي يعالج مريضا.
ب‌-                 الافتقار الايجابي أو السلبي :
-    ﻓﺎﻟﻨﻮﻉ ﺍﻻﻭﻝ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺤﺼﻞ ﺑﻤﻘﺘﻀﻰ ﺍﻧﺘﻘﺎﺹ ﻓﻲ ﺫﻣﺔ ﺍﻟﻤﻔﺘﻘﺮ ﺍﻟﻤﺎﻟﻴﺔ ﻛﻤﺎ ﻓﻲ حالة  ﺍﻟﺸﺨﺺ ﻳﺪﻓﻊ ﺩﻳﻨﺎ ﻏﻴﺮ ﻣﺘﺮﺗﺐ ﻋﻠﻴﻪ ، مما يؤدي الى انتقاص ذمته المالية.
-   ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻨﻮﻉ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻓﻴﺸﺘﻤﻞ ﻓﻲ ﻓﻮﺍﺕ ﻣﻨﻔﻌﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻔﺘﻘﺮ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺣﻘﻪ أن ﻳﺤﺼﻞ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻓﻴﻜﻮﻥ ﻟﻪ ﺍﻟﺮﺟﻮﻉ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺜﺮﻱ ﺑﻘﺪﺭ ما فاته ﻣﻦ ﻣﻨﻔﻌﺔ، ﻛﺄﻥ ﻳﺴﻜﻦ ﺷﺨﺺ ﻓﻲ ﻣﻨﺰﻝ ﻟﻐﻴﺮﻩ ﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﻋﻘﺪ إيجار ﻓﻴﻔﺘﻘﺮ ﺍﻟﻤﺎﻟﻚ ﺑﻤﺎ ﻓﺎﺗﻪ ﻣﻦ ﻣﻨﻔﻌﺔ عن ﺃﺟﺮﺓ ﺍﻟﻌﻴﻦ.
ت‌-                  ﺍﻻﻓﺘﻘﺎﺭ ﺍﻟﻤﺒﺎﺷﺮ أو ﺍﻟﻐﻴﺮ ﺍﻟﻤﺒﺎﺷﺮ :
-   الافتقار المباشر: ﻓﺎﻟﻨﻮﻉ ﺍﻻﻭﻝ ﻳﺤﺪﺙ ﺍﻧﺘﻘﺎﺹ ﻓﻲ ﺫﻣﺔ ﺍﻟﻤﻔﺘﻘﺮ ﺩﻭﻥ ﻭﺳﺎﻃﺔ ﺃﺣﺪ، ﻛﺄﻥ ﻳﺪﻓﻊ  شخص ﻣﺒﻠﻐﺎ ﻏﻴﺮ ﻣﺴﺘﺤﻖ ﻋﻠﻴﻪ لشخص أخر.
-   ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻨﻮﻉ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻳﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ ﺍﻧﺘﻘﺎﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻴﻤﺔ ﺍﻟﻤﺎﻟﻴﺔ ﺑﺘﺪﺧﻞ ﺃﺟﻨﺒﻲ ﺗﺪﺧﻼ ﻣﺎﺩﻳﺎ ﺍﻭ ﻗﺎﻧﻮﻧﻴﺎ ، كمن يستعمل أدوات شخص في تشييد بناء أو صيانته.
3-                      وجوب انتفاء خطأ المفتقر في الافتقار :
إن الافتقار يجب ألا يكون عائدا لخطأ في جانب المفتقر أو بسبب إهماله، أو بسبب علمه و اختياره، أو بسبب غلطه [5]. و إلا تحمل مسؤولية ذلك .
-   فبالنسبة للخطأ و الإهمال نشير إلى ما  ما أكد عليه القضاء المغربي من خلال القرار الصادر عن محكمة استئناف بني ملال الذي جاء في منطوقه : " أن الأم التي تنوع ابنها من لدن والده و تمتنع عن رده إليه ، لا تستطيع أن تطالب باسترداد ما أنفقته على الولد خلال وجوده في كنفها"[6] .
-   أما فيما يتعلق بعلم و اختيار المفتقر،  فهو ما نصت عليه المادتين 69 و 70 من ق.ل.ع  ، حيث  جاء فيهما تباعا  أن : " من دفع باختياره ما لا يلزمه ، عالما بذلك ، فليس له أن يسترد ما دفعه "  و " لا محل لاسترداد ما دفع لسبب مستقبل لم يتحقق ، إذا كان الدافع يعلم ، عند الدفع استحالة تحقق السبب ، أو كان هو  نفسه قد حال دون تحققه".
4-                      وجوب قيام العلاقة السببية بين افتقار المفتقر و إثراء المثري
إن ﻗﻴﺎﻡ علاقة ﺍﻟﺴﺒﺒﻴﺔ ما بين إثراء المثري و افتقار المفتقر ، هو  ﺃﻣﺮ ﻫﺎﻡ ﻭﺿﺮﻭﺭﻱ ﻟﻘﻴﺎﻡ ﻗﺎﻋﺪﺓ ﺍﻻﺛﺮﺍﺀ ، و في حالة انتفاء هذه العلاقة فإنه لا يمكن الحديث حينها عن " ﺍﻻﺛﺮﺍﺀ ﺑﻼ ﺳﺒﺐ" ،  ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ ﺇﺫﻥ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻻﻓﺘﻘﺎﺭ ﻫﻮ ﺍﻟﺴﺒﺐ ﺍﻟﻤﺒﺎﺷﺮ ﻟﻼﺛﺮﺍﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺤﻘﻖ . العلاقة  ﺍﻟﺴﺒﺒﻴﺔ قد ﺗﻜﻮﻥ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ ﺃﻭ ﻏﻴﺮ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ كذلك . ﻓﺘﻜﻮﻥ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻻﻓﺘﻘﺎﺭ ﺍﻻﺛﺮﺍﺀ ﻧﺎﺷﺌﻴﻦ ﻋﻦ ﻭﺍﻗﻌﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺑﻨﺎﺀ ﺍﻟﺸﺨﺺ ، ﺑﺤﺴﻦ ﻧﻴﺔ ﻓﻮﻕ ﻣﻠﻚ ﺍﻟﻐﻴﺮ ﻓﻨﺘﻴﺠﺔ ﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﻳﺤصل افتقار ﺍﻟﺸﺨﺺ ﺑﻤﺎ ﺻﺮﻓﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ، ﻭﻳﺤﺪﺙ إثراء ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻻﺭﺽ . أما في حالة السببية غير المباشرة أو تعدد أسباب الإثراء ، فإن العلاقة ما بين الافتقار و الإثراء يمكن أن تحلل وفقا لعلاقة السببية ما بين الخطأ و الضرر في حالة المسؤولية التقصيرية .

المطلب الثاني :آثار الإثراء بلا سبب

بتوفر شروط الإثراء بلا سبب ينشأ التزام في ذمة المثري اتجاه المفتقر برد الشيء إلى المفتقر إذا كان موجود (الفقرة الأولى ) أو التعويض عن الافتقار عندما يتعذر رد الشيء لسبب من الأسباب (الفقرة الثانية

الفقرة الأولى :التزام المثري برد العين .

ينص الفصل 66 من قانون الالتزامات والعقود على أنه " من تسلم أو حاز شيئا أو أي قيمة أخرى،مما هو مملوك للغير بدون سبب يبرر هذا الإثراء التزم برده لمن أثرى على حسابه " .إذ يجب على المثري أن يرد العين التي حازها بدون سبب، إذا كانت مازالت ،وتلك  التي كان من واجبه أن يجنيها لو أنه أحسن الإدارة ،وذلك من يوم تسلمه الشيء بغير حق[7] .
وكما يستخلص من نفس الفصل المذكور أعلاه (الفصل 75 ) من قانون الالتزامات والعقود ،أن المثري حسن النية لا يسأل إلا في حدود ما عاد عليه من نفع ومن تاريخ المطالبة .

الفقرة الثانية : التزام المثري بالتعويض المادي .

إذا تعذر رد العين إلى المفتقر بسبب بيعها من قبل المثري أو هلاكها أو تعيبها ،التزم تجاه المفتقر برد قيمته في يوم تسلمه إياه ،إذا كان قد هلك أو تعيب بفعله أو خطئه[8] ،ويضمن كذلك الهلاك الحاصل بقوة قاهرة ،إذا كان قد تسلمه بسوء نية (الفصل 75) من قانون الالتزامات والعقود .
وقد أوضح الفصل 76 من قانون الالتزامات والعقود الحكم بالنسبة للمثري حسن النية ،فنص على أنه " إذا كان من تسلم الشيء بحسن نية قد باعه فإنه لا يلتزم إلا برد ثمنه ،أو بتحويل ما له من حقوق على المشتري إذا استمر على حسن نية إلى وقت البيع " .
يستخلص من مضمون هذا الفصل أن المثري حسن النية ، إذا ما باع الشيء الذي كان في حوزته ، وهو مازال على حسن نية ،  لا يسأل إلا في حدود الثمن الذي بيع فيه الشيء حتى ولو كانت قيمته تفوق ذلك[9] .
أما بالنسبة للمثري سيء فهو ملزم برد الزيادات والمنافع التي جناها ،وأيضا تلك التي كان من واجبه أن يجنيها لو أحسن الإدارة ،وذلك من يوم تسلمه الشيء بغير حق (الفصل 75 من قانون الالتزامات والعقود ) .
أما إذا كان محل الإثراء نفع جناه المثري من عمل أو شيء يعود للغير ،فإن المثري حسن النية يسأل في حدود ما جناه من نفع وفائدة من عمل المفتقر ،كما هو مستخلص من الفصل 67 من قانون الالتزامات والعقود .
أما حكم المثري سيء النية بالنسبة للنفع الذي يجنيه بدون سبب عن عمل الغير أو شيئه ،فلم يتعرض له المشرع ،وتماشيا مع تشدد المشرع المغربي على المثري سيء النية ،فإننا نرى إلزامه بالتعويض عن كل خسارة لحقت المفتقر ولو كان النفع الحاصل للمثري يقل عن ذلك .
وخلاصة القول ،وكما هو معلوم عند جمهور فقهاء القانون أن الإثراء بلا سبب مصدر من مصادر الالتزام ،فهو له تطبيقات عملية مهمة ،بحيث نجد واقعتي الدفع غير المستحق والفضالة ،وهي تطبيقات لها أحكامها الخاصة .



[1]  ﻗﺮﺍﺭ صادر عن المجلس الأعلى ( محكمة النقض حاليا)  ﺗﺤﺖ ﻋﺪﺩ 86  ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ 1976-11-26 ﻓﻲ ﻣﻠﻒ ﺍﻟﻤﺪﻧﻲ رقم 55090 .
[2]  عبدالرزاق احمد السنهوري ، الوسيط في شرح القانون المدني الجديد ،دار إحياء التراث العربي ، بيروت ، لبنان ، ص :1124
[3] مأمون الكزبري ، مرجع سابق ، ص 336
[4]  القرار القضائي ﻋﺪﺩ 444 ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ 31 / 1/2001 ﺑﺎﻟـﻤـﻠﻒ ﺍﻟﻤــﺪﻧﻲ ﻋــﺪﺩ 1457
[5] حالة غلط المفتقر الذي لا يستوجب الاسترداد نص عليها الفصل 73من قانون الالتزامات و العقود و الذي اعتبر أن " الدفع الذي يتم تنفيذا لدين سقط بالتقادم أو لالتزام معنوي ، لا يخول الاسترداد إذا كان الدافع متمتعا باهلية التصرف على سبيل التبرع ، و لو كان يعتقد عن غلط أنه ملزم بالدفع ، أو كان يجهل واقعة التقادم.
[6]  مامون الكزبري ، مرجع سابق ، ص 339.
[7]  ) مأمون الكزبري ،نظرية الإلتزامات ،الجزء الاول ،مصادر الالتزامات . ص :351
[8]  ) نزهة الخلدي ،الموجز في النظرية العامة للالتزامات ،مصادر الالتزام ،الطبعة الثانية 2015 .ص :190
[9]  ) مأمون الكزبري ،مرجع سابق . ص: 352

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

باحث في المجال القانوني حاصل على الماستر المتخصص في المهن القانونية والقضائية بكلية

جميع الحقوق محفوظة

مدونة المهن القانونية والقضائية ..

2016