الشـــركــــة المــدنــيـة المــهــنــية للمــحــامـــاة
إن جهاز القضاء مهما توافرت لديه من وسائل مادية وبشرية مهمة فإنه لا يستطيع أن ينهض وحده بأعباء العدالة بل لابد له من مساعدين يشاطرونه تحمل هذه المسؤولية.
ومساعدو القضاء قد يكونون موظفين تابعين للدولة كما هو الشأن بالنسبة لجهاز كتابة الضبظ، وقد يكونو اشخاص مستقلين في مهنتهم أي أنهم يمارسون مهنة حرة كما هو الشأن بالنسبة للخبير أو المحامي.
وهذا الأخير أي المحامي يساهم في نشاط مرفق العدالة بل هنالك إجماع بأن كل من هيئة الدفاع والسلطة القضائية مكمل للطرف الأخر وبالتالي لا أحد يستطيع أن يجادل بدور المحامي في تحقيق العدالة حيث إنه يشكل الوجه الثاني للعدالة، فالعدالة لها وحهان الوجه الأول يمثله القاضي، والثاني يمثله المحامي، لأن المحامي هومن يظهر الحقيقة ويوضحها ويدعمها بالحجج والبراهين وبالتالي إذا إختل هذا الوجه من العدالة فلايمكن تحقيقها الأصل التجاري لأن لاعدالة دون الوصول إلى الحقيقة.
ومن أجل أن يقوم الحامي بالوجبات المنوطة به على أكمل وجه، يجب أن يكون مستقلا من أجل أن يكون قادرا على إيصال العدالة للجميع متحررين من أي ضغظ من أي جهة كانت.
وتجدر الأشارة أن ممارسة مهنة المحاماة إنطلقت في أولى مراحلها من الممارسة الفردية وقد نظم المشرع ممارسة مهنة المحاماة بشكل فردي بموجب القانون 08-28 فهذا القانون ينص على مهام المحامي وشروظ الولوج إلى مهنة المحاماة وغيرها من المسائل الأخرى، كما نظم المشرع ممارسة المهنة بشكل جماعي من النص على أحداث الشركة المدنية المهنية للمحاماة وذلك بموجب القانون رقم 08-29 بحيث تعد الشركة المهنية المهنية للمحاماة عمل جماعي تكاملي بين مجموعة من المحامين لهم إهتمامات في المجالات القانونية إما متحدة أو مختلفة وقع الأتفاق على جمعها لتكون قوة ذات فعالية. فماهي كيفية تأسيس وتسيير الشركة المدنية المهنية للمحاماة؟ وماهي مسؤولية الشركة عن الإخلال بوجبتها؟
المطلب الاول: تأسيس وسير الشركة المهنية للمحاماة
يعتبر القانون رقم 08-29 هو الإطار القانوني المتعلق بتنظيم الشركة المدنية لمهنة المحاماة التي يمارسون فيها المحامون نشاطهم المهني بصورة جماعية، وسوف أتطرق في هذا المطلب إلى تأسيس الشركة (الفقرة الأولى) وإلى سير الشركة المدنية المهنية للمحاماة (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى:تأسيس الشركة المدنية المهنية للمحاماة
من خلال هذه الفقرة سوف أشير إلى إنشاء الشركة ونظامها الأساسي وتسميتها (أولا) وحصص وأنصبة ورأسمال الشركة وإجراءات شهرها ( ثانيا) .
أولا: إنشاء الشركة ونظامها الاساسي وتسميتها
يتم تأسيس الشركة المهنية للمحاماة عن طريق شركاء في الشركة محامين مسجلين في جدول نفس الهيئة أي منتمين إلى هيئة واحدة ويتم ممارسة المهنة في مكتب واحد لحسابهم جميعا، بمعنى آخر تدبير الملفات بشكل مشترك يتم النيابة فيها باسم واحد ويتحملون مسؤولية واحدة يقوم باقتسام الأرباح والمصاريف فيما بينهم أي مسؤولية مشتركة، كما لا يجوز للمحامين اللذين يمارسون مهامهم في نطاق المشاركة أن ينوبوا أو يؤازروا ويمثلوا أطراف متعارضة ويكونوا مسؤولين مدنيا على وجه التضامن إزاء موكلهم وتكتسب الشركة الشخصية المعنوية، ويحق لها ممارسة المهنة من يوم تسجيلها في جدول الهيئة التي يوجد بدائرتها مقرها، ويتعين تقييد الشركة بسجلات الضريبة المهنية بعد مصادقة النقيب على نظامها الأساسي.
ويتم توجيه الطلب تسجيل الشركة موقعا من طرف كل الشركاء إلى نقيب الهيئة، ويتم إرفاق هذا الطلب بنسخة من العقد التأسيسي ومن النظام الأساسي للشركة. ويبث في هذا الطلب داخل أجل شهرين ابتداء من تاريخ توصل النقيب بالطلب وإحالته إلى مجلس الهيئة ويعتبر الطلب مقبولا إذا لم يتخذ فيه المجلس قرار في الأجل المذكور ولا يمكن رفض هذا الطلب إلا إذا تضمن النظام الأساسي ما يخالف المقتضيات القانونية أو التنظيمية.
وحسب قانون 29.08 المتعلق بالشركات المدنية المهنية للمحاماة فتنشأ هذه الأخيرة بمقتضى نظام أساسي مكتوب في نسخ أصلية تسلم ككل واحد من المؤسسين ونسخة تودع في مقر الشركة ولا تقبل بين الشركاء أي وسيلة إثبات تخالف مضمون النظام الأساسي، ويجب أن يتضمن النظام الأساسي البيانات التالية:
1 ـ الإسم الشخصي والعائلي ومواطن كل شريك.
2 ـ تسمية الشركة.
3 ـ عنوان مقر الشركة.
4 ـ مدة الشركة عند الاقتضاء.
5 ـ طبيعة وقيمة حصص كل شريك.
6 ـ مبلغ رأس المال.
7 ـ عدد الأنصبة المتمثلة لرأس المال، وقيمة كل واحد منها وكيفية توزيعها بين الشركاء.
8 ـ صلاحيات المسيرين، ومدة مهامهم أو شروط تعينهم وعزلهم.
9 ـ الإشهاد على التحرير الكلي للحصص المكونة لرأس المال
أما بخصوص تسمية الشركة يجب أن تتكون من أسماء كل الشركاء أو بعضهم أو إسم أحدهم شريطة أن تضاف إليها في هاتين الحالتين الأخيرتين عبارة "وشركاؤهم"، كما يمكن الاحتفاظ باسم شريك قديم في التسمية شريطة أن يكون هذا الاسم متبوعا بعبارة "سابقا" و وجود من الشركة إلى جانب الشريك المحتفظ باسمه حسب المادة 12 من قانون 08/29 المنظم للشركات المدنية المهنية للمحاماة.
وحسب المادة 40 من نفس القانون يجب أن يشار إلى الإسم المختار للشركة في جميع الوثائق والمراسلات والمحررات مسبوقا أو متبوعا بعبارة " الشركة المدنية المهنية للمحاماة
ثانيا: حصص وأنصبة وراسمال الشركة وإجراءات شهرها
وبالرجوع إلى المادة 13 من قانون رقم 29.08 المتعلق بتنظيم الشركات المدنية المهنية للمحاماة نجدها نصت على أن حصص الشركاء هي التي تكون حقوقا مادية أو معنوية كتخلي المحامي عن موكليه لفائدة الشركة أو وثائق و أرشيفات و بصفة عامة كل الأشياء المنقولة المعدة للإستعمال المهني أو مبالغ نقدية، و خلافا للقواعد العامة المتعلقة بالشركات المدنية و التجارية لا يمكن تقديم عمل أحد الشركاء حصة في تكوين الشركة المدنية المهنية للمحامين، و أن جميع الحصص العينية يتعين تحديد قيمتها عند تقديمها كحصة، و عليه فإن رأس مال الشركة يتكون من مجموع الحصص النقدية و من المقابل النقدي للحصص العينية و يقسم إلى أنصبة متساوية، و يجب تحرير قيمة الحصص بالكامل عند تأسيس الشركة.
أما بالنسبة لإجراءات شهر الشركة تشهر الشركة عن طريق تسجيلها في سجل خاص ممسوك بكتابة الهيئة، وتمسك الهيئة ملفا خاصا بكل شركة، ولا يحتج ضد الأغيار إلا بالوقائع والتصرفات التي وقع شهرها، كما يمكن لكل ذي مصلحة أن يحصل على نفقته من كتابة الهيئة على مستخرج من النظام الأساسي لا يتضمن إلا المعلومات المتعلقة بالشركة والشركاء والمحددة على سبيل الحصر في المادة 15 من القانون المذكور.
الفقرة الثانية: تسيير الشركة المدنية للمحاماة
سوف يتم التطرق في هذه الفقرة إلى إدارة الشركة(أولا) والعمليات الواردة على الأنصبة (ثانيا)
أولا: إدارة الشركة المدنية المهنية للمحاماة
حسب قانون 29.08 المنظم للشركات المدنية المهنية للمحاماة بالنسبة لإدارة الشركة نجد أن نظامها الأساسي يحدد شروط تعيين المسيرين وعزلهم وسلطاتهم ومدة ولايتهم وعند الاقتضاء المستحقات المتفق عليها ، كما يتولى المسيرون وضع الحسابات السنوية للشركة وتحرير تقرير عن نتائجها بعد انتهاء السنة المالية وفق الشروط المحددة في النظام الأساسي وتخضع هذه الوثائق لموافقة الجمع العام خلال ثلاتة أشهر التابعة لانتهاء السنة المالية وتوضع في الشركة رهن إشارة الشركاء ، وعليه فإن المسير أو المسيرين يقومون بوظيفة إدارة الشركة فقط ولا يمكنهم أن يتدخلوا في ممارسة المهنة ، ويحتفظ المحامي الشريك بكامل استقلاليته ، ومن الأجهزة الأخرى التي تدخل ضمن إدارة الشركة نذكر الجمع العام الذي يتكون من جميع الشركاء وينعقد مرة واحدة في السنة على الأقل مع إمكانية عقد جموع عامة أخرى بناءا على طلب نصف الشركاء على الأقل ، ويحدد النظام الأساسي شروط استدعاء الجمع الذي لا ينعقد بصفة صحيحة إلا إذا كان الشركاء الممثلون لثلاثة أرباح رأس المال على الأقل حاضرين أو ممثلين وتتخذ قرارات الجمع العام بأغلبية الأصوات التي يملكها الحاضرون ما لم ينص النظام الأساسي على أغلبية أكبر وتجدر الإشارة إلى أن المسؤولية بين الشركاء تكون في حدود أنصبتهم حسب الفقرة الثانية من المادة 17 من قانون 29.08 في حين أن الفقرة الأخيرة من نفس المادة تتحدث عن حالة ارتكاب أحد الشركاء خطأ غير مرتبط بالشركة بحيث تكون المسؤولية فردية.
ثانيا العمليات الواردة على الانصبة
خلافا للقواعد العامة المتعلقة بالشركات لا يمكن رهن أو بيع الأنصبة في المزاد العلني، وفي حالة عجز أحد الشركاء عن تسديد ما ترتب في دمنه بمقتضى قرار قابل للتنفيذ يمكن للنقيب أن يجبره على تفويت حصته في رأسمال الشركة لهذه الأخيرة أو لأحد الشركاء أو الأغيار من المحامين، ويحدد النقيب قيمة الحصة ويتسلم مقابلها لتسديد ديون الشريك ولا يمكن للأغيار الطعن في صحة العمليات المذكورة في مواجهة الشركة أو المستفيد من العملية، ويبقى للمتضرر في هذه الحالة الرجوع بالتعويض على المتسبب في الضرر. ويتوقف تفويت الأنصبة للغير على موافقة الشركة وذلك بتبليغ مشروع التفويت لها ولكل واحد من الشركاء بواسطة البريد المضمون مع الإشعار بالاستلام، وعلى الشركة أن تبدي رأيها داخل أجل شهرين من تاريخ التوصل وإلا اعتبر المشروع مقبولا بعد انصرام الأجل المذكور وفي حالة رفض الشركة لمشروع التفويت فإنها تعرض على المفوت اقتناء أنصبته من طرفها أو من طرف أحد الشركاء أو الأغيار بنفس ثمن مشروعه وذلك داخل أجل ستة أشهر من تاريخ تبليغ قرار الرفض وإلا اعتبرت قابلة للمشروع المقدم من طرف الشريك، ويرفق تبليغ العرض للمفوت بالتزام الجهة التي تنوي اقتناء الأنصبة وإلا اعتبرت الشركة ملتزمة به وفي حالة رغبة أحد الشركاء في الانسحاب من الشركة فإنه يبلغها بذلك فتعرض الشركة عليه مشروعا بتفويت أنصبته بنفس الطريقة السالفة الذكر
وإذا فقد الشريك صفة محامي منح أجل ستة أشهر لتفويت أنصبته طبقا لنفس المسطرة الأنفة الذكر، وإذا انقضى الأجل دون تقديم أي مشروع للتفويت يكون المشروع المقدم من طرف الشركة ملزما للمعني بالأمر في هذه الحالة. وعند وفاة أحد الشركاء يتم إشعار ورثته بضرورة مباشرة مسطرة تفويت داخل أجل سنة من تاريخ التوصل ما لم يباشروا المسطرة تلقائيا، وتطبق نفس المسطرة المذكورة المنصوص عليها في المادتين 27 و28 وفي حالة انصرام الأجل ولم يقدم الورثة أي مشروع للتفويت يكون المشروع المقدم من طرف الشركة والمصادق عليه من طرف النقيب ملزما للورثة في هذه الحالة.
ا
لمطلب الثاني: جزاء الإخلال بالنصوص القانونية المنظمة للشركة
لمطلب الثاني: جزاء الإخلال بالنصوص القانونية المنظمة للشركة
الفقرة ألأولى: بطلان وحل الشركة
أولا: بطلان الشركة المدنية المهنية للمحاماة
إن إنعدام واحد أو أكثر من الأركان الموضوعية العامة(1) أو إنعدام إحدى الأركان الموضوعية الخاصة(2) إلى جانب إنعدام الشكلية يترتب عليه بطلان هذه الشركة
1= إنعدام الأركان الموضوعية العامة
*الرضا: يعتبر الرضا هو أساس العقد يوجد بوجوده و ينعدم بانعدامه و يتجلى دلك من خلال الفصل 19 من ق ل و ع الذي ينص على انه " لا يتم الاتفاق إلا بتراضي الطرفين على العناصر الأساسية للالتزام و على باقي الشروط المشروعة الأخرى التي يعتبرها الطرفان أساسية " لذلك فان رضا الأطراف على تأسيس الشركة المدنية لمهنة المحاماة يجب أن تتوفر و أن تنصب على كل العناصر الأساسية في عقد الشركة بمعنى أن يكون هناك إيجاب و قبول من كافة الشركاء على النظام الأساسي للشركة .
*حالة تخلف الأهلية أو نقصانها: استنادا إلى المادة 210 من مدونة الأسرة فان كل شخص بلغ سن الرشد القانوني و لم يثبت سبب من أسباب نقصان أهليته أو انعدامها يكون كامل الأهلية لمباشرة حقوقه و تحمل التزاماته و بالتالي فان انعدام أهلية احد الشركاء أو اكتر يترتب عنه بطلان الشركة و كما أن القانون المنظم لمهنة المحاماة في مادته الخامسة تجاوز المادة 209 من مدونة الأسرة التي تحدد سن ممارسة الحقوق و تحمل الواجبات في 18 سنة شمسية كاملة إذ هذه المادة حددت أهلية ممارسة مهنة المحاماة في 21 سنة و بالتالي فإن تأسيس شركة المدنية لمهنة المحاماة لا يمكن في أي حال من الأحوال من شخص يقل سنه 21 سنة و إلا سيكون مصير الشركة البطلان.
*حالة تخلف المحل أو عدم مشروعيته: إذا كان المحل هو موضوع الشركة المدنية لمهنة المحاماة و الذي يتمثل في المشروع الذي يسعى الشركاء إلى تحقيقه فإن عدم مشروعية هذا المحل و مخالفته للنظام العام و كونه غير صحيح و مستحيل يؤدي لا محالة إلى بطلان الشركة التي تأسست على محل لا أساس له من الصحة بحت نجد أن الفصل 2 من ق ل و ع الذي ينص على أن من أركان العقد شيء محقق يصلح لان يكون محل الالتزام .
حالات تخلف السبب أو عدم مشروعيته :
يعتبر سبب التعاقد " تأسيس الشركة " هو الباعث إلى التعاقد و المتمثل في تحقيق الربح من خلال استغلال مشروع الشركة المدنية لمهنة المحاماة و من هنا فإن عدم مشروعية و حقيقية هدا السبب يؤدي إلى بطلان الشركة المدنية مهنة المحاماة
2) إنعدام الأركان الموضوعية الخاصة.
لا يكفي لإبرام عقد الشركة المدنية لمهنة المحاماة الأركان الموضوعية فقط، بل لا بد من توفر الأركان الموضوعية الخاصة التي تميزها عن باقي العقود الأخرى.
· عدم تعدد الشركاء.
حسب الفصل 982 من ق ل و ع فإن الشركة عقد بمقتضاه يضع شخصان أو اكتر أموالهم أو عملهم أو هما معا لتكون مشتركة بينهم بقصد تقسيم الربح الذي قد ينشأ عنها لذلك لا يمكن أن نتصور الشركة المدنية لمهنة المحاماة بشريك واحد باعتبار أن ذلك سيترتب عنه بطلان الشركة وهو ما يستفاد من المادة 2 من قانون 29.08 عندما نصت على أن " يجب أن يكون كل الشركاء محامين مسجلين في جدول نفس الهيئة ".
· عدم تقديم الحصص للمساهمة في رأس المال الشركة :
يلتزم كل الشركاء في الشركة المدنية لمهنة المحاماة بتقديم حصص لتكوين رأس مال الشركة بحت المادة 14 من قانون 29.08 تنص على أن يتكون الرأس المال من مجموع الحصص النقدية و من المقابل النقدي للحصص العينية و يقسم إلى أنصبة متساوية القيمة "
و بالتالي عدم تقديم الشركاء للحصص يؤدي إلى بطلان الشركة كما أن البطلان يلحق الشركة كذلك إذا ساهم الشركاء بحصص غير التي حددتها المادة 13 من القانون رقم 29.08 أو أن تكون هذه الحصص غير مشروعة أو منافية للأدب والأخلاق الحميدة.
· عدم اقتسام الأرباح والخسائر :
حسب الفصل 982.ق ل ع فان هدف تأسيس الشركة هو تحيق الربح وتوزيعه بين الشركاء في حين نص الفصل 1034 من ق ل ع على أن كل شرط من شانه أن يمنح للأحد الشركاء نصيبا في الأرباح أو الخسائر اكبر من النصيب الذي يتناسب مع حصته في رأس المال يكون باطلا ومبطلا لعقد الشركة.
وعلى هذا النحو فان اقتسام الأرباح أو تبرئة احد الشركاء من الخسائر التي قد تلحق بالشركة يؤدي إلى بطلان الشركة.
· عدم احترام الشكلية :
إن عدم احترام الشكلية يؤدي إلى بطلان الشركة المدنية المحاماة باعتبار أن المشرع في القانون 29.08 في المادة 10 نص على ضرورة وضع النظام الأساسي كتابة في نسخ أصلية بالقدر الكافي قصد تسلم نسخة لكل واحد من المؤسسين.
لكن إذا كانت القاعدة تقضي بان العقد الباطل يبقى مجرد من اي اثر قانوني سواء في الماضي أو المستقبل لكون التصرف كأن لم يكن إلا أن لكل قاعدة استثناء بحيث نجد بعض العقود رغم بطلانها إلا إنها تنتج أثار العقد الصحيح.
ومن بين هذه العقود الشركة المدنية لمهنة المحاماة حيث تنص المادة 55من قانون 29.08على أن "لا يمس بطلان الشركة صحة الأعمال التي قام بها المحامون الشركاء قبل تاريخ الذي أصبح فيه البطلان نهائيا".
ثانيا: حل الشركة
تنص المادة 56 من قانون 29.08 على ما يلي : " تنقضي الشركة بانتهاء مدتها ما لم يتم الاتفاق على تمديدها، يمكن حل الشركة قبل انتهاء مدتها بأغلبية ثلاثة أرباع الشركاء المتوفرين على ثلاثة أرباع الأصوات".
يتبين من خلال هذه المادة أن أول حالة لحل الشركة تتمثل في انتهاء مدتها، و دلك شيء طبيعي لكون كل شيء له بداية و نهاية و تتمثل نهاية الشركة بإنتهاء مدتها، غير أن المشرع سمح للشركاء بالاتفاق على تمديد مدة الشركة، وهي إمكانية أتاحها المشرع للشركاء فقط دون غيرهم، كما سمح المشرع للشركاء أن يتفقوا على إنهاء الشركة قبل انتهاء مدتها و دلك باتفاق ثلاثة أرباع الشركاء المتوفرين على ثلاثة أرباع الأصوات.
و تنص المادة 58 من ق ش م معلى ما يلي: " تحل الشركة بقوة القانون عند التشطيب على احد الشركاء أو الشركة".
فقد يرتكب احد الشركاء أو كلهم أو الشركة خطأ يترتب عنه التشطيب عنهم من مزاولة مهنة المحاماة وهو ما يؤثر على الشركة و يكون مآلها الحل بقوة القانون،
وتنص المادة 61 من نفس القانون على أنه : " تحل الشركة بقوة القانون بانسحاب جميع الشركاء".
الفقرة الثانية: مسؤولية الشركة المدنية المهنية للمحماة
إن الحديث عن المسؤولية في الشركة المدنية المهنية للمحاماة يقتضي التعرف على أحكام المسؤولية في الشركة المدنية المهنية بصفة عامة ( أ1 ) و ثم التعرف على أحكام مسؤولية المحامي في الشركة ( 2 ).
1 : مسؤولية الشركة المدنية المهنية للمحاماة
تنص المادة 39 من القانون المنظم للشركة المدنية المهنية للمحاماة على أن الشركة المدنية المهنية للمحاماة تخضع لجميع المقتضيات التشريعية و التنظيمية لمهنة المحاماة، كما تخضع أيضا للأعراف و التقاليد المهنية و لحسن السلوك.
كما تطبق على الشركة المقتضيات المتعلقة بالتأديب في القانون المنظم للمهنة، بحيث أن الشركة لا تكون محل متابعة تأديبية مستقلة عن تلك التي يواجه بها الشركاء أو أحدهم حسب المادة 43 من قانون 29.08.
و تسأل الشركة عن خطأ الشريك إزاء الأغيار، كما أوجب المشرع في المادة 42 من نفس القانون على الشركة أن تؤمن عن مسؤوليتها المهنية، فإذا صدر عن المحامي أثناء قيامه بمهامه تجاه الأغيار مسؤولية ترتب عنها ضرر، فإن شركة التأمين المسجلة بها هذه الشركة هي التي تنوب عن المسؤول بأداء التعويض لفائدة الأغيار.
و عليه فإن الغاية من هذا الإلزام هو إعطاء مصداقية لمعاملات الشركة من خلال إقرار نظام التأمين عن المسؤولية، و ذلك بإيداع نسخة من عقد التأمين بملف الشركة المفتوحة بكتابة الهيئة، و كذا أداء التأمين سنويا لتمكين مجلس الهيئة من مراقبة مدى إحترام الشركة لهذا المقتضى.
2 : مسؤولية المحامي الشريك في شركة المحاماة
2 : مسؤولية المحامي الشريك في شركة المحاماة
يتقيد المحامي الشريك في سلوكه المهني بمبادئ الاستقلال، و التجرد، و النزاهة، و الشرف و ما تقتضيه الأخلاق الحميدة و أعراف و تقاليد المهنة طبقا للمادة 3 من القانون المنظم لمهنة المحاماة.
و يسأل كل واحد من الشركاء بصفة فردية عن خطئه تجاه الشركة و باقي الشركاء، و لا يسأل الشركاء عن ديون الشركة إلا في حدود أنصبتهم فيها.
و لا يمكن للأغيار الرجوع على باقي الشركاء بالمسؤولية عن خطأ ثبت إرتكابه من طرف أحدهم و أن الشركة تسأل عن خطأ الشريك إزاء الأغيار حسب المادة 17 من القانون المتعلق بالشركات المدنية المهنية للمحاماة. و هذا يعني أن المشرع المغربي جعل مسؤولية المحامي الشريك مسؤولية تقصيرية عندما جعل الشريك مسؤولا عن خطئه الذي تبث ارتكابه من طرفه و نجم عنه ضرر لحق بالغير، و مسؤولية محدودة عندما إعتبر الشريك مسؤولا عن ديون الشركة في حدود أنصبته فيها .
و برجوعنا إلى المادة 43 من القانون المنظم للشركات المدنية المهنية للمحاماة فتطبق على الشركة و الشركاء المقتضيات المتعلقة بالتأديب في القانون المنظم للمهنة -أي القانون المنظم لمهنة المحاماة- بحيث جاء هذا القانون الأخير بمقتضيات تهم تأديب كل محام، يرتكب بأحد الأفعال المخالفة للنصوص القانونية، أو التنظيمية، أو القواعد المهنية، أو أعرافها، أو بالمروءة، أو الشرف، ولو تعلق الأمر بأعمال خارجة عن النطاق المهني، حيث تجري في حقه العقوبة التأديبية المناسبة التي تكون عبارة عن إنذار، أو توبيخ، أو إيقاف عن ممارسة المهنة لأزيد من ثلاث سنوات، أو التشطيب من الجدول، أو من لائحة التمرين، أو سحب الصفة الشرفية.
وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن المشرع لم يعط تعريفا للمخالفة المهنية، وإنما اكتفى بالإشارة إلى بعض الواجبات والمحظورات التي يتعين على المحامين التزامها، وذلك في المواد 3- 12 – 35 – 36 – 61، كما لم يتطرق المشرع في الباب المتعلق بالتأديب إلى وسائل إثبات المخالفة التأديبية، تاركا بذلك للسلطة التأديبية صلاحية وتقييم واعتماد كافة وسائل الإثبات طبقا للقواعد العامة. هذا ولقد حددت المواد من 67 إلى 72 من القانون 28.08 المسطرة المتبعة بشأن تأديب المحامين.
و في حالة صدر في حق المحامي مقرر تأديبي نهائي بعقوبة الإيقاف عن مزاولة المهنة لمدة 3 أشهر و ما فوق يكون مجبرا على مغادرة الشركة بمقتضى مقرر يتخذ بإجماع الشركاء الذين لم تتم مؤاخذتهم من أجل نفس الأفعال.
كما أن الشريك الذي قد يعترضه مانع يحول دون ممارسته لمهامه ، أو الموجود في حالة التغاضي عن التقييد في الجدول لا يمكنه مزاولة أي نشاط مهني أو أن يكون مسيرا للشركة لكنه يحتفظ خلال هذه المدة –بصفته شريكا- على الحقوق و الواجبات التي تمنحه له هذه الصفة باستثناء حقه في الأرباح المهنية، و عند منع الشركاء جميعا أو بعضهم فقط من مزاولة المهنة أو في حالة المنع الجزئي للشركاء من مزاولة المهنة يعين النقيب مسيرا للشركة .