-->
مدونة المهن القانونية والقضائية .. مدونة  المهن القانونية والقضائية ..

الأحكام العامة للأهية


الأحكام العامة للأهية 

المطلب الأول: الأهلية.


الأهلية في اللغة : هي الجدارة و الكفاءة لأمر من الأمور .
وفي الاصطلاح هي: قابلية الشخص لأن يكتسب الحقوق وتحمل الالتزامات ولأن يمارس بنفسه التصرفات التي تمكنه من كسب الأولى وتحمل الثانية[1].
والأهلية نوعان:
أهلية الوجوب: وهي قابلية الشخص لأن يكتسب الحقوق ويتحمل الواجبات، وهي تثبت له بمجرد ولادته حيا وتستمر معه إلى حين مماته، بل وتبدأ قبل ذلك للجنين في حدود معينة[2].
أهلية الأداء: وهي صلاحية الشخص لممارسة حقوقه الشخصية والمالية، ونفاذ تصرفاته[3]، ويحدد القانون شروط اكتسابها وأسباب نقصانها أو انعدامها.
والأصل في الشخص كمال الأهلية (الفقرة الأولى)، كما أن فقدان الأهلية لها آثار على التصرفات (الفقرة الثانية)، ونقصانها أيضا (الفقرة الثالثة)، والمميز المأذون له حكم خاص (الفقرة الرابعة).

الفقرة الأولى: الأصل في الشخص كمال الأهلية:
ورد في قانون الالتزامات والعقود وبالضبط في الفقرة الثانية من الفصل 3: "كل شخص أهل للإلزام والالتزام ما لم يصرح قانون أحواله الشخصية بغير ذلك". وانطلاقا من هذا الفصل يتضح أن الأصل في الإنسان كمال الأهلية ومن يدعي على الغير غير ذلك أن يبين ما يدعيه.
وقد يلجأ ناقص الأهلية لإخفاء أهليته بطرق احتيالية لكن في هذه الحالة يكون مسؤولا عن التعويض للغش الذي صدر منه، مع أن يطلب إبطال العقد[4]، لكن قد يرى القاضي أن أفضل تعويض للمتضرر هو إبقاء على العقد، لكن يجب على المتضرر أن يثبت الطرق الاحتيالية التي استعملها القاصر ناقص الأهلية كأن يقدم شهادة ميلاد مزورة التي استعملها القاصر[5].
الفقرة الثانية: أثر فقدان الأهلية على التصرفات.
حسب المادة 217 من مدونة الأسرة الجديدة جاء فيها:
يعتبر عديم أهلية الأداء: أولا: الصغير الذي لم يبلغ سن التميز
 ثانيا: المجنون وفاقد العقل.
وانطلاقا من هذه المادة يتضح أن هناك ثلاث حالات يعتبر فيها الشخص فاقد الأهلية:
أ/ حالة الصغير الغير المميز: فالصغير الغير المميز هو الصغير الذي لم يتم الثانية عشرة من عمره حسب المادة 214 من مدونة الأسرة التي تتحدث عن الصغير المميز[6]. والمادة 224 تقول تصرفات عديم الأهلية باطلة ولا تنتج أي أثر. وإن الصغير الغير المميز يمنع عليه مباشرة حقوقه المدنية والتصرف في أمواله وكل تصرف يقدم عليه يعتبر باطلا.
ب/ حالة المجنون وفاقد العقل: لم تتطرق مدونة الأسرة لتعريف المجنون[7]، والمجنون يعتبر عديم الأهلية ولذلك فإن كل تصرفاته تقع باطلة ولا تنتج أي أثر، والذي يمكن القول أن فاقد العقل أنه جنونه متقطع بحيث أنه غير مستقر على وضعية معينة، وحكمه أنه عندما يعود له عقله يباشر حقوقه المدينة بشكل طبيعي وعند فقدانه للعقل تقع كل التصرفات التي يجريها باطلة ويتم حجر التصرفات التي يجريها المجنون ولو بصفة رجعية أو قبل جنونه[8].
الفقرة الثالثة: نقصان الأهلية وأثره على التصرفات.
أولا: تعريف ناقص الأهلية:
ورد في المادة 213 من مدونة الأسرة على أنه:
"يعتبر ناقص الأهلية الأداء:
1-   الصغير الذي بلغ سن التميز ولم يبلغ سن الرشد.
2-   السفيه.
3-   المعتوه".
1/ فالصغير المميز هو الذي أتم 12 سنة شمسية كاملة[9]، وهو يخضع مثله مثل غير من فاقدي الأهلية وناقصيها، ويعتبر محجورا. لكن يجوز له مباشرة بعض التصرفات القانونية، وبالتالي نوع التصرف يتوقف على هل نافع نفعا محضا أو ضار ضررا محضا أو دائر بين النفع والضرر.
2/ السفيه :هو من لا يحسن تدبير أمواله أو المبذر الذي يصرف أمواله فيما لا فائدة فيه وفيما يعده العقلاء عبثا بشكل يضر به أو بأسرته[10].
3/ المعتوه، هو الشخص المصاب بإعاقة ذهنية لا يستطيع معها التحكم في تفكيره وتصرفاته. (المادة 216 م.أ).
ويخضع كل من المعتوه والسفيه، والصغير المميز كفاقد الأهلية لأحكام النيابة الشرعية في إطار المؤسسة الولائية "أب، أم"أو الوصائية أو التقديم، الذين يتولوا إجراء تصرفاتهم المشروعة في إطار يسمح به القانون.
ثانيا: أثر نقصان الأهلية على التصرفات.
حسب المادة 225[11] من مدونة الأسرة تنقسم تصرفات ناقصي الأهلية إلى ثلاثة أقسام: تصرفات نافعة نفعا محضا، وتصرفات ضارة ضررا محضا، وتصرفات تدور بين النفع والضرر.
أ/ حكم التصرفات النافعة نفعا محضا:
ويقصد بالتصرفات النافعة نفعا محضا بأنها تصرفات التي تثري المتصرف أو تبرئ ذمته من التزام دون تحمله مقابل ذلك بأي تكليف كقبول الهبة بلا عوض أو براءة من دين عالق بالذمة...
وتعتبر هذه التصرفات نافدة في حق ناقص الأهلية (المادة 225 م أ)
ب/ حكم التصرفات الضارة ضررا محضا.
وهي التصرفات التي يتحمل المتصرف تكاليفها دون أي كسب أو نفع يجنيه بالمقابل[12]، وهذه التصرفات تقع باطلة إذا باشرها ناقص الأهلية بنفسه أو بإذن من النائب الشرعي.
ج/ حكم التصرفات الدائرة بين النفع والضرر.
ويقصد بها تلك التصرفات التي تدور بين النفع والضرر وتحتمل الربح والخسارة كالتجارة، فمثل هذه التصرفات يتوقف نفاذها على إجازة النائب الشرعي للقاصر، حسب المصلحة الراجحة للمحجور، وفي الحدود المخولة لاختصاصات كل نائب شرعي (المادة 225 ف.3)[13].
الفقرة الرابعة: حكم الصبي المميز المأذون:
أولا: تعريف بالمميز المأذون:
هو ذلك الصغير الذي تجاوز السنة الثانية عشر من عمره ولم يبلغ سن الرشد، فهذا الصغير له الحق أن يتسلم جزء من أمواله ولو قبل بلوغ سن الرشد أو قبل ترشيده، وهذا كرغبة من المشرع ليفسح المجال لتمرن الصغار وتنمية خبرتهم المالية قصد التجربة.
ثانيا: أهلية المميز المأذون.
والمميز المأذون له يتمتع بكامل الأهلية فيما أذن له به، وهذا ما نصت عليه الفقرة الأخيرة من المادة 226 من م.أ. فإذا ما كان الصغير المميز مأذونا في تعاطي التجارة أو الصناعة فلا يسوغ له أن يبطل هذه التعهدات التي تحملها بسبب تجارته في حدود الإذن الممنوح له[14].
ثالثا: إلغاء الإذن الممنوح للقاصر المأذون.
تتحدث المادة [15]226 عن إمكانية للقاضي المكلف بشؤون القاصرين إلغاء قرار الإذن بالتسليم أموال للمأذون، إذا ثبت سوء التدبير في إدارة المأذون بها أو إذا توافرت أسباب خطيرة، ففي هذه الحالة لا يكون الإلغاء أثر بالنسبة الأعمال أو التصرفات التي شرع فيها القاصر قبل حصول الإلغاء (الفصل 8 من ق.ل.ع)[16].



[1] - ذ. نزهة الخلدي، نظرية الالتزامات والعقود، ص: 57 بتصرف.
[2] -  207 من م.أ: "أهلية وجوب هي صلاحية الشخص لاكتساب الحقوق وتحمل الواجبات التي يحددها القانون وهي ملازمة له طوال حياته ولا يمكن حرمانه منها.
[3] - 208 م.أ. "أهلية أداء هي صلاحية الشخص لممارسة حقوقه الشخصية والمالية ونفاذ تصرفاته ويحدد القانون شروط اكتسابها وأسباب نقصانها أو انعدامها.
[4] - ذ. الشهبوني، الوسيط 1/270، ف 148 بتصرف.
[5] - ذ. العبدلاوي إدريس، ص: 316 بتصرف، النظرية العامة للالتزام، نظرية العقد، الطبعة الأولى، 1996.
·         [6] - 214 م.أ "الصغير المميز هو الذي أتم اثنتي عشرة سنة شمسية كاملة".
[7]- د. عبد اللطيف البغيل، نظرية العقد، الطبعة الأولى 2004، ص: 127.
[8] - ذ. مأمون الكزبري، مصادر الالتزامات، الجزء الأول، ص: 141، الطبعة الأولى 1968، بيروت.
[9] - المادة 219من مدونة الأسرة.
[10] - المادة 215 من مدونة الأسرة.
[11]  -المادة 225 "تخضع تصرفات الصغير المميز للأحكام التالية، 1/ تكون نافذة إذا كانت ناقصة له نفعا محضا. 2/ تكون باطلة إذا كانت مضره به. 3/ يتوقف نفاذها إذا كانت دائرة بين النفع والضرر على إيجاز النائب الشرعي حسب المصلحة القائمة للمجوز وفي حدود الاختصاصات المخولة لكل نائب شرعي.
[12] - المادة 225 من مدونة الأسرة فقرة 3 : "1-.........
                                                    2-................
                                                    3-يتوقف نفاذها على إنجاز نائب شرعي..."
[13] - ذ. عبد اللطيف البغيل، مصدر سابق، ص: 135.
[14] -المادة 226 من مدونة الأسرة.
[15] - المادة 226: "يمكن للصغير المميز أن يتسلم جزءا من أمواله لإدارتها بقصد الاختبار''.
يصدر الإذن من الوالي أو بقرار من القاضي المكلف بشؤون القاصرين بناء على طلب من الوصي أو المقدم أو الصغير المعني بالأمر.
يمكن للقاضي المكلف بشؤون ا لقاصرين إلغاء قرار الإذن بالتسليم بطلب من الوصي أو المقدم أو النيابة العامة أو تلقائيا إذا ثبت سوء التدبير في الإدارة المأذون بها.
يعتبر المحجوز كامل الأهلية، فيما أذن له وفي التقاضي فيه.
[16] - الفصل 8 من قانون الالتزامات والعقود: "يجوز في أي وقت بإذن المحكمة وبعد سماع أقواله القاصر إلغاء الإذن بتعاطي التجارة، ذ توفرت أسباب خطيرة تبرره. ولا يكون لهذا الإلغاء أثر بالنسبة إلى الصفقات التي شرع فهيا القاصر قبل حصول الإلغاء.

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

باحث في المجال القانوني حاصل على الماستر المتخصص في المهن القانونية والقضائية بكلية

جميع الحقوق محفوظة

مدونة المهن القانونية والقضائية ..

2016